وغيرهم. وكان يعقوب المذكور يعاقب على ترك الصلاة، ويامر بالنداء في الاسواق بالمبادرة إليها، فمن غفل عنها واشتمل بمعيشة عزر تعزيراً بليغاً. وكان قد عظم ملكه واتسعت دائرة سلطانه حتى لم يبق بجميع أقطار بلاد المغرب من البحر المحيط إلى برقة إلا من هو في طاعته وداخل ولايته، إلى غير ذلك من جزيرة الأندلس. وكان محسناً محباً للعلماء مقرباً للأدباء مصغياً إلى المدح مثيباً عليه، وله ألف أبو العباس الموحدي كتابه الموسوم بصفوة الأدب وديوان العرب في مختار الشعر. قال ابن خلكان: وهو مجموع مليح أحسن في اختياره كل الإحسان. وإلى الأمير يعقوب نسبت الدنانير اليعقوبية المغربية. وكان قد أرسل إليه السلطان صلاح الدين رسولاً يستنجده على الفرنج الواصلين من بلاد المغرب إلى الديار المصرية وساحل الشام، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين، بل بأمير المسلمين، فعز عليه ذلك، ولم يجبه إلى ما طلب منه. فلما توفي الأمير يعقوب بايع الناس ولده أبا عبد الله محمد بن يعقوب - ويلقب - بالناصر وارتجع الفدية من الملثم المتقدم ذكره، وكان قد استولى عليها، ثم تحول محمد بن يعقوب، ثم توفي بعد ذلك في سنة ست عشرة وستمائة. والمغاربة يقولون إنه أوصى عبيده بحراسة بستانه وحفظه، فتنكر وجعل يمشي في بستانه ليلاً، فعندما رأوه ابتدروه بالرماح، فجعل يقول: أنا الخليفة أنا الخليفة، فما تحققوه حتى هلك. والله أعلم بذلك. ولم يزل بنو عبد المؤمن يتوارثون الملك إلى أن انتهى إلى أبي العلاء إدريس بن يوسف بن عبد المؤمن، فوقعت بينه وبين بني مريم حرب قتل فيها، فانقرضت دولة بني عبد المؤمن، واستولى بنو مريم على ملكهم، ولم يزل الملك في عنقهم إلى الآن. قلت: هكذا قال ابن خلكان، وهكذا هو أيضاً إلى الآن، لكنه قد تضعضع واضطرب لعدم طاعة العرب. قلت: وقد تقدم أن بعض المغاربة يذكرون أن
الأمير يعقوب خلى الملك وساح في الأرض. ووعدت هناك بذكر ما يؤيد هذا القول، وها أنا أذكره الآن: سمعت ممن لا أشك في صلاحه من الفقراء الصادقين المتجردين المباركين من بلاد المغرب أن جمعاً من شيوخ المغاربة ذكروا رسالة الأستاذ أبي القاسم القشيري - رحمه الله تعالى - وما جمع فيها من مشايخ المشارقة وذكر مناقبهم، فراموا أن يعارضوا رسالته برسالة مشتملة على شيوخ يذكرونهم فيها - من شيوخ المغاربة - ثم ذكروا أن في شيوخ الرسالة القشيرية من تجرد عن الملك، ولم يجدوا في شيوخ المغرب من هو كذلك، فقالوا: ما تتم لنا معارضة الرسالة يعقوب خلى الملك وساح في الأرض. ووعدت هناك بذكر ما يؤيد هذا القول، وها أنا أذكره الآن: سمعت ممن لا أشك في صلاحه من الفقراء الصادقين المتجردين المباركين من بلاد المغرب أن جمعاً من شيوخ المغاربة ذكروا رسالة الأستاذ أبي القاسم القشيري - رحمه الله تعالى - وما جمع فيها من مشايخ المشارقة وذكر مناقبهم، فراموا أن يعارضوا رسالته برسالة مشتملة على شيوخ يذكرونهم فيها - من شيوخ المغاربة - ثم ذكروا أن في شيوخ الرسالة القشيرية من تجرد عن الملك، ولم يجدوا في شيوخ المغرب من هو كذلك، فقالوا: ما تتم لنا معارضة الرسالة