لو وجدت السبيل جدت بخدي ... عوضاً من خمار تلك الوليدة
كيف لي أن أقبل اليوم رجلاً ... سلكت دهرها الطريق الحميدة
قال ابن خلكان: وحكى الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري أنها نظمت قصيدة تمدح بها الملك المظفر عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين - وكانت القصيدة خمرية - وصفت بها آلة المجلس وما يتعلق بالخمر، فلما وقف عليها قال: الشيخة تعرف هذه الأحوال من زمن صباها. فبلغها ذلك، فنظمت قصيدة أخرى حربية وصفت فيها الحرب وما يتعلق بها أحسن وصف، ثم سيرت بها إليه تقول: علمي بتلك كعلمي بهذه. وكان قصدها براءة ساحتها مما نسبها إليه في صباها. وفيها توفي أبو عبد الله محمد المعروف بالأبله البغدادي الشاعر المشهور، أحد المتأخرين المجيدين، جمع في شعره بين الصناعة والرقة، وله ديوان شعر كثير الوجود بأيدي الناس، ذكره العماد الأصبهاني فقال: هو شاب ظريف يتزي بزي الجند، رقيق أسلوب الشعر حلو الصناعة رائق البراعة، عذب اللفظ أرق من النسيم السحري وأحسن من الوشي التستري، وكل ما ينظمه ولو أنه يسير والمغنون يغنون برانقات أبياته فهم يتهافتون على نظمه المطرب تهافت الطير الحوم على عذب المشرب. ومن رقيق شعره:
دعني أكايد لوعتي وأعاني ... أين الطليق من الأسير العاني
آليت لا أدع الملام بعزتي ... من بعد ما أخذ الغرام عناني
أولى تروض العاذلات وقد أرى ... روضات حسن في خدود حسان
ولدي يلتمس السلو ولم يزل ... حي الصبابة ميت السلوان
يا برق إن تجفو العقيقوطالماأغنته عنكسحائب الأجفان
في قصيدة له طويلة وله من أخرى
لئن وقرت يوماً بسمعي ملامة ... لهند فلا عقب الملامة في هند
ولا وجدت عيني سبيلاً إلى البكا ... ولا بت في أصل الصبابة والوجد
وبحت بما ألقى ورحت مقابلاً ... سماحة مجد الدين بالكفر والجحد