هذا القول الأخير ان النسخ بيان لانقضاء زمن الحكم الأول لأن ظاهر الخطاب الأول أن الحكم مؤبد والناسخ قد دل على انتهاء زمنه، وأشار إلى القولين في المراقي بقوله في تعريف النسخ:

رفع لحكم أو بيان الزمن ... بمحكم القرآن أو بالسنن

وعلى هذا القول الثاني فالنسخ يرجع إلى التخصيص في الأزمان وهو معترض، لأنه لا يشمل النسخ قبل التمكن من الفعل، واعلم أن حد المعتزلة للنسخ الذي ذكره المؤلف باطل، فلا حاجة له، وما أورد من الاعتراضات على حد النسخ الذي ذكرنا بأنه رفع الحكم كله ساقط، والحد صحيح.

واعلم أن النسخ لا يلزمه البدل الذي هو الرأي المتجدد، لأن الله يشرع الحكم الأول وهو يعلم أنه سينسخه في الوقت الذي تزول مصلحته فيه وتصير المصلحة في الناسخ.

فاذا جاء ذل الوقت نسخ الحكم الأول وعوض منه الحكم الناسخ على وفق ما سبق في علمه أنه سيفعله، كما أن المرض بعد الصحة وعكسه والموت بعد الحياة وعكسه والفقر بعد الغنى وعكسه ونحو ذلك ليس فيه بدءاً لسبق علمه تعالى بأنه سيفعل ذلك في وقته كما هو ظاهر.

قال المؤلف:

الفرق بين النسخ والتخصيص

فان قيل فما الفرق بين النسخ والتخصيص إلى آخره.

أعلم أن السلف يطلقون اسم النسخ على ما يطلقه عليه الأصوليون وعلى التخصيص والتقييد، فالجميع يسمونه نسخاً كما نبه عليه غير واحد.

وأما الأصوليون فلا يطلقون النسخ على التخصيص ولا التخصيص على النسخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015