قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
فأما النسخ في الشرع فهو بمعنى الرفع والازالة لاغير، وحده رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه، ومعنى الرفع إزالة الحكم علىوجه، لولاه لبقي ثابتاً وقوله بخطاب متقدم متعلق بالثابت يعني أنه ثابت بخطاب شرعي متقدم لا بالبراءة الأصلية، وقوله بخطاب متراخ عنه متعلق برفع الحكم يعني أنه مرفوع بخطاب متراخ عنه لا متصل به، وايضاح تقريره أن النسخ هو أن يرفع بخطاب متراخ، حكم ثابت بخطاب متراخ، حكم ثابت بخطاب متقدم، واحترز بقوله رفع الحكم عما لم يرفع أصلاً كالأحكام التي لم يدخلها نسخ واحترز بقوله
بخطاب متقدم عما كان ثابتاً بالبراءة الأصلية كعدم حرمة الربا وعدم وجوب الصيام والصلاة فان رفعه ليس بنسخ لأنه كان ثابتاً بالبراءة الأصلية لا بخطاب شرعي واحترز بخطاب ثان عن زوال الحكم بالجنونونحوه، فليس بنسخ، لأنه لم يرفع بخطاب ثان، واحترز بتراخيه عن المتصل بالخطاب الأول فانه تخصيص له، وبيان لا نسخ له كقوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً" فان بدل البعض من الكل فيه رفع حكم وجوب الحج عن غير المستطيع ولكنه متصل به فليس نسخاً لانه لم يتراخ عنه، وكقوله تعالى " والذين يبتغون
الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيراً " فرفع حكم الامر بالكتابة في حق من لم يعلم فيه خيراً، المفهوم من الشرط ليس نسخاً لأنه متصل به، وستأتي ان شاء الله أمثلة كثيرة لهذا في مبحث المخصصات المتصلة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
وقال قوم ان النسخ كشف مدة العبادة بخطاب ثان إلى آخره، حاصل