النظار، كما هو معلوم في محله.
... فان كان كل واحد من العامين دخله تخصيص فالأقل تخصيصاً مقدم على الأكثر تخصيصاً، ومثال هذا ما لو ذبح الكتابي ذبيحة، ولم يسم عليها الله، ولا غيره، فعموم قوله تعالى: " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " يقتضي اباحتها. وعموم: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " يقتضي تحريمها، وكل من العمومين دخله تخصيص إلا أن الأول خصص مرة واحدة، والثاني خصص مرتين، فالأول أقوى لأنه أقل تخصيصاً لأن قوله تعالى: " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " لم يخصص إلا تخصيصه واحدة وهي بما إذا لم يسم الكتابي على
ذبيحته غير الله كالصليب، أو عيسى، فان سمى على ذبيحته غير الله، دخلت في عموم وما أهل لغير الله به، على الأصح الذي لا ينبغي العدول عنه. أما الآية " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " فقد خصصت تخصيصتين، خصصها الجمهور بغير الناسي، فتارك التسمية نسياناً تؤكل ذبيحته عند الجمهور، وحكى عليه ابن جرير الاجماع مع أنه خالف فيه اثنان. وخصصه الشافعي وأصحابه بما ذبح لغير الله.
... ويقدم الدال بدلالة الاقتضاء على الدال بدلالة الإيماء والدال بدلالة الإشارة والظاهر تقديم الدال بالإيماء على الدال بالإشارة. ووجه تقديم الدال بالاقتضاء أنه مقصود للمتكلم يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته عقلاً أو شرعاً كما تقدم إيضاحه. ووجه تقديم الدال بالإيماء على الدال بالإشارة، لأن دلالة الإيماء مقصودة للمتكلم، وإن لم يتوقف عليها الصدق أو الصحة، والمدلول عليه بالإشارة ليس بمقصود ولكنه لازم للمقصود كما تقدم إيضاح ذلك كله بأمثلته.
وقال صاحب الضياء اللامع: ويقدم ما كان في دلالة الاقتضاء لضرورة صدق المتكلم على ما كان لضرورة صحة