.. وحجة الجمهور أن العام المخصص اختلف في كونه حجة في الباقي بعد التخصيص، والذين قالو اهو حجة في الباقي قال جماعة منهم هو مجاز في الباقي، بخلاف الذي لم يدخله تخصيص، فهو سالم من ذلك، وما اتفق على أنه حجة وأنه حقيقة أولى مما اختلف في حجيته وهل هو حقيقة أو مجاز. وان كان الصحيح أنه حجة وحقيقة في الباقي بعد التخصيص، لأن مطلق الخلاف يكفي في ترجيح غيره عليه.
... وحجة الصفي الهندي والسبكي أن الغالب في العام التخصيص، والحمل على الغالب أولى، وأن ما دخله التخصيص يبعد تخصيصه مرة أخرى بخلاف الباقي على عمومه.
... ومثال هذه المسألة قوله تعالى: " وان تجمعوا بين الأختين " الآية. فانه عام في كل أختين سواء كان الجمع بينهما بنكاح أو بملك يمين، وهذا العام لم يدخله تخصيص فهو مقدم على عموم قوله تعالى: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ... " الآية.
فان قوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانهم " شامل بعمومه للأختين إلا أن عموم أو ما ملكت أيمانهم يخصصه عموم. وأخواتكم من الرضاعة، فلا تحل الأخت من الرضاعة بملك اليمين اجماعاً، ويخصصه أيضاً عموم. ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء.. الآية. فلا تحل موطوءة الأب بملك اليمين اجماعاً. فان قيل:عموم وأن تجمعوا بين الأختين مخصص بعموم أو ما ملكت أيمانهم. فالجواب أن ذلك التخصيص هو محل النزاع، والاستدلال بصورة النزاع ممنوع بأطباق