واعلم أن مالكاً يراعي المصلحة المرسلة في الحاجيات والضروريات كما قرره علماء مذهبه خلافاً لما قله عنه المؤلف من عدم مراعاتها في الحاجيات.
ودليل ما لك على مراعاتها اجماع الصحابة عليها كتولية أبي بكر لعمر واتخاذ عمر سجناً وكتبه أسماء الجند في ديوان , واحداث عثمان لأذان آخر في الجمعة وأمثال ذلك كثيرة جداً.
فقد عرفت أنواع المصالح , وعرفت المرسل منها وغير المرسل , وعرفت أن مالكاً يراعيها في الحاجيات كالضروريات.
واعلم أن الضروري له مكمل والحاجي له مكمل.
فمكمل الضروري كتحريم القليل جداً من المسكر , ومكمل الحاجي كالخيار في البيع والرهن بناء على ان البيع من الحاجيات.
والحق أن أهل المذاهب كلهم يعملون بالمصلحة المرسلة وان قرروا في أصولهم أنها غير حجة كما أوضحه القراني في التنقيح , وما ذكره الؤلف رحمه الله من أن مالكاً رحمه الله أجاز قتل الثلث لا صلاح الثلثين ذكره الجويني وغيره عن مالك وهو غير صحيح ولم يروه عن مالك أحد من أصحابه ولم يقله مالك كما حققه العلامة محمد بن الحسن البناني في حاشيته على شرح عبد الباقي الزرقاني لمختصر خليل , وأشار صاحب المراقي إلى هذه المسألة بقوله:
ثم المناسب عنيت الحكمة ... منه ضرورى وجا تتمة
بينهما ما ينتمى للحاجى ... وقدم القوى فى الرواج
دين فنفس ثم عقل نسب ... مال إلى ضرورة تنتسب
ورتبن ولتعطف مساويا ... عرضا على المال تكن موافياً
فحفظها حتم على الإنسان ... فى كل شرعة من الأديان
الحق به ما كان ذا تكميل ... كالحد فيما يسكر القليل