وقال بعض علماء الأصول: العدالة هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروؤة جميعاً حتى تحصل ثقة النفوس بصدقة فلا ثقة بقول من لا يخاف الله تعالى خوفاً وازعاً عن الكذب وخلاف أهل الأصول في اشتراط الملكة المانعة من فعل ما يخل بالدين والمروءة مشهور وممن جزم باشتراط الملكة فيها صاحب جمع
الجوامع والغزإلى والأبياري والفهري وغيرهم وأكثر أهل على أن العدل هو من يجتنب الكبائر مطلقاً وصغائر الخسة مطلقاً كسرقة لقمة وتطفيف جبة لدلالة ذلك على سقوط مروءته وساقط المروءة لا ثقة بقوله ويجتنب صغائر غير الخسة في أغلب الأحوال ويجتنب ما يخل بالمروءة عرفاً من المباحات كالبول في الطريق والأكل في السوق لغير سوقي ونحو ذلك وظاهر كلامهم سواء كان الاجتناب بسبب ملكه أي هيئة راسخة في النفس ومجاهدتها دون فعل ذلك وهذا هو الأظهر عندي وممن ما ل اليه ابن حلولو في الضياء اللامع والعبادي في الآيات البينات
والله تعالى أعلم , واعلم أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة لاشعاره بعدم التقوى من فاعله , قال في المراقي:
ولا صغيرة مع الإصرار ... المبطل الثقة بالأخبار
وخلاف العلماء في حد الكبيرة معروف فلا نطيل به الكلام هذا وما ذكره المؤلف من اشتراط العدالة يعلم منه أنه لا تقبل رواق فاسق وهو كذلك كما نص الله على ذلك في قوله: ((ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هو الفاسقون)) الآية.
وقوله: ((ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)) أما ان كان فسقة بارتكاب كبيرة كقذف المحصنات ونحو ذلك فلا