صغره فانه لا تقبل روايته لكونه لا يخاف الله ولا يعرفه ولو فرضنا أنه يعرفه فهو يعلم أن الصبي مرفوع عنه القلم فلا يخاف عاقبة الكذب ولأنه لا يقبل قوله فيما يخبر
به عن نفسه وهو الاقرار فما يخبر به عن غيره أولى بعدم القبول ولا ينتقض هذا بالعبد فان إقراره لا يقبل مع أن روايته مقبولة لأن المانع من قبول إقراره هو حق سيده الذي يملكه وليس لأحد إقرار بملك غيره مع أن قوماً أجازوا إقراره في العقوبات البدنية وهو مذهب مالك وقول من قال من العلماء بقبول شهادة الصبيان فيما يقع بينهم من الجنايات لا يرد على ما ذكرنا لأنه من قبيل الاستدلال بالقرائن اذا كثروا وأخبروا قبل التفرق مع مسيس الحاجة لذلك لكثرة وقوع الجنايات بينهم وانفرادهم غالبا عن غيرهم وأما الضبط فلا خلاف في
اشتراطه فلا تقبل رواية غير المميز ولا المجنون ولا المغفل الذي لا يحسن ضبط ماحفظه ليؤديه على وجه فلا ثقة بقوله وان كان غير فاسق والضبط في اللغة هو حفظ الشئ بالحزم وفي الاصطلاح هو كون الراوي غير كثير الغلط والخطأ بل خطؤه نادر ويعرف ذلك بمخالفته للجماعة المشهورين بالعدالة والضبط فمن كثرت مخالفته لهم فليس بضابط فلا تقبل روايته ومن ندرت مخالفته لهم فهو الضابط المستكمل لهذا الشرط قال في طلعة الأنوار معرفاً للضابط:
كذاك لا يقبل إلا من ضبط ... من زايل الخطأ كثيراً والغلط
بالضابطين اتعبرن فإن غلب ... وفق فضابط وإلا يجتنب
وأما العدالة فلا اختلاف في اشتراطها في الراوي والعدالة في اللغة التوسط وفي الاصطلاح سلامة الدين من الفسق والمروءة من القوادح وعرفها ابن عاصم في رجزه بقوله:
والعدل من يجتنب الكبائرا ... ويتقى فى الأغلب الصغائرا
وما أبيح وهو في العيان ... بقدح في مروءة الانسان.