لقد عنى بكلامه (العلماء) بكل وضوح. وهذا يعني التنديد بالمؤتمر الإسلامي. كنت وبن ساعي نترقب الأسوأ. وهكذا تناهى إلى سمعنا خبر توقيف العقبي.

كان الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ الحركة الجزائرية هو دعوة المؤتمر لمواجهة تكالب الاستعمار. غير أن المؤتمر قد سد وكان المفتاح بأيدي بن جلول. لم يكن (العلماء) سوى مجموعة مسكينة من الخانعين الفاترين، من غير اقتدار يسمو بهم لمستوى الوضع، فقد كانوا يستظلون بعدالة الإله ويستكينون إليها لمواجهة الظلم الشرس الذي حاق بهم. فأي إنسان يدرك قيمة المبدأ السلفي أو لديه مجرد إلمام بسيط بالفلسفة السياسية، لا يمكن أن يفهم سفر هؤلاء العلماء إلى باريس ولا، الأحرى، خضوعهم لبن جلول. بعد اندلاع هذه الأحداث، فهمنا جيدا أنا وعلي بن أحمد وبن ساعي، أن الحركة الجزائرية ستنقلب وتنتكس وتتراجع. وعندما أسجل ذلك بعد خمس عشرة سنة في كتابـ (شروط النهضة) حيث قلت أن (المؤتمر بلغ القمة ولكنه هوى بعد 1936)، لم يفهم الكثير من الأهالي الأندجين (les indigènes) وقتها شيئا. لأن عقلهم المتحجر الفظ لا يعرف ترتيب العناصر والعوامل، فهم يرون في الفوران الحالي المنبثق من الأحداث الدولية تقدما لا يربطونه بالجهد، أي لا يعزونه للإرادة وإنما للصدفة.

آه! لو لم تقع الحرب العالمية التي كانت بمثابة رحمة من الله لشعوب الأندجين، لرأى محترفو البوليتيك الجزائريون أين سيكون موقعنا وكيف يكون حالنا اليوم بقيادة بن جلول وزمرته. أما الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015