حدث ذلك في ظروف تشبه الظرف الذي سبب أحداث الحي اليهودي بقسنطينة قبل سنة، ربما قال شخص ما:
إن دار (جوب) تعمل لحساب الصهيونية بفلسطين ...
ولكن كيف أدى هذا القول، في كل مدن وكل قرى الجزائر، في اليوم نفسه وفي اللحظة نفسها إلى هذه الهزة العنيفة؟
وفسر بعض الناس الظاهرة على أنها مؤامرة (دار بسطوس) المنافسة لـ (جوب) وأنها هي التي رسمت خطة المقاطعة بكل تفاصيلها.
وعلق عليها البرفسور (بهلول) الأستاذ الجزائري بثانوية (سانت بارب) الكبرى بباريس، بأنه لا يجوز لنا أن نعير أهمية إلى (قضية أعقاب السجائر).
كان المثقف الجزائري، مثل الدكتور (بومالي) بتبسة أو (بهلول) بباريس، يقوم دائماً بدور المنتقص من أهمية الأحداث المهمة.
وعلى أية حال سجل التاريخ الجزائري (يوم جوب) بين الأيام التاريخية في تلك الحقبة، بوصفه تعبيراً شاملاً للضمير الوطني في ظرف معين، وأخذ الحدث بهذا السبب حجم قضية تهم الدولة، وخصوصاً الأوساط الاستعمارية، وربما حتى دار (بسطوس) أصبحت تهبط وتصعد نظرها في الأمر.
هكذا كانت الأيام تجرف الأحداث المنذرة في العالم وفي المغرب العربي، وبدأت مجموعتنا تتفرق في الآفاق. لقد انتهى (بن عبد الله) من دراسة الحقوق تلك السنة فعاد إلى الوطن، ورأت الحكومة أن تزيد في تشتيت جمعنا، فمنحت وظيفة إلى (صالح) في هيئة تصدير الغلال الجزائرية، ثم فكرت في إقصائه أبعد من ذلك، فعينته مهندساً زراعياً بمستعمرة (كايين) بأمريكا.
ولجأ أخوه (حمودة) إلى العمل في مصنع باريسي بصفة عامل ... وتبخر