تناول (شوربة الفافوليا) (?) في ذلك المطعم الصغير؛ أمر كل مرة في الذهاب والإياب وأقضي أوقاتاً سعيدة أمام المبنى القديم الذي يحدث بالزمن الغابر.

أصبحت لا يهمني شيء، فمرت ساعات انتظار القطار كأنها فراغ، ومرت الأشياء في الطريق دون أن تحدثني كالعادة.

ووصلنا صباحاً إلى شقة مدام (بيري) المرأة الطيبة التي مسحت بظهر يدها دمعة تعالت على خدها عندما رأتني، لأنها تلقت نبأ وفاة والدتي من الأم (مورناس) قبل وصولي، وربما سكبت تلك الدمعة أيضاً على محنتها مع زوجها، ذلك الرجل الطيب المحبوب لطيبته في ذلك الحي، لولا أنه يعربد بالسكر في إحدى حانات الحي، عندما يكون انتهى من إنجاز مقاولة طلي في عمارة جديدة وفي انتظار أخرى.

رجعت (لويزة) إلى ركنها على النافذة المطلة فوق شارع (فريدريك ميسترال)، ورجعت زوجي إلى شغلها المنزلي، وعدت- قبل افتتاح المدرسة - إلى علاقاتي الودية فزرت جمهورية (تريفيز) حيث لا زال (مرسولين) يجتر مرارة إخفاقه في قضية (الصداقة الفرنسية المغربية)، على الرغم من دعم مدام (دوفرانليو) الأدبي والمادي، ولا زال (جان سانشيز) يتعطر بتلاوة قصائد جدته المهداة إلى الإله شمس.

وزرت أيضاً الحي اللاتيني. حيث لا يزال (فرديناند لوب) في حلقته من الطلبة، يتحدث عن الانتخاب المقبل لرياسة الجمهورية، ويمرح كعادته منذ ربع قرن، أنه سيرشح نفسه وفق برنامج سياسي ومقترحات دستورية ستغير مصير فرنسا ...

وبينما بدأ مصير العالم يتغير فعلاً، بدأ (موسوليني) - بعد أن أجهدته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015