تصوري بوصفي جزائرياً نازحاً إلى الطائف، إذ أصبحت القضية قضيتي وقضية خديجة وحتى قضية الهرة (لويزة).
وأصبحت فعلاً هذه المأساة تملك أرجاء بيتنا الصغير، نتحدث عنها في الغداء والعشاء.
- تنقل زوجي أصداء الشارع عنها، فنفسرها ونعلق عليها، وإذا بها تعود يوماً بنبأ:
- بينما كنت على الرصيف إذ تلتقط أذني نبذة حديث بين رجلين عرفتهما يهوديين يتحدثان على باب حانوت، فسمعت أحدهما يقول: لا بد أن تحطم هذه القبائل (البربرية)، فثقلت رجلي كي أستمع أكثر، ولكن الرجلين قد تنبها ودخلا الدكان ...
إذن هي أيضاً قضية اليهود وليست فحسب قضية موسوليني وقضيتي ...
لا أستطيع على أية حال أن أصرخ:
- النجدة!. النجدة يا عالم لهرتي (لويزة)! ...
فقمت أصلي ركعتين لله متحصراً متذرعاً شاكياً من شر الاستعمار باكياً، ولكنني كنت دوماً على منهج الحديث ((اعقلْها وتوكل)). فأخذت ورقة وبدأت أحرر خطاباً مثيراً إلى سعادة سفير اليابان بباريس، أتوسل لحكومته أن تساند باسم التضامن الآسيوي المقدس أمام الدول الاستعمارية، ابن سعود في المعركة، وتؤيده.
ثم قرأته على خديجة، التي استمعته ويدها تمسح رأس هرتها كعادتها عندما تستعدب كلاماً، فقالت عند نهاية قراءتي:
- أجدت! .. أجدت! .. إنه مستعطف رقيق مثير إلى النهاية! ...