وكان مع هذا بيني وبين (حمودة بن الساعي) اختلاف في نقطة، هي أنه كان يريد أن يتولى الزعامة، بينما كان (علي بن أحمد) يخطئنا نحن الاثنين، ويعدّنا غير جديرين بها، ويدعي الزعامة لنفسه بسبب سوابقه منشئاً ومحرراً لجريدة (صوت الشعب).
وما كان هذا الجدال الأخوي يهمني في شيء، إذ المهم في نظري هو فقط أن تسلم الحياة العامة من المثقفين لأنني كنت أتوقع منهم كل مكروه، وقد أكّدت الأحداث كل توقعاتي، وما كان لي أن أتفق معهم، ولا مع (مصالي حاج) في شيء، إذ كان رأيي السياسي قائماً على مبدأ، لم يتغير بل أكدته الأيام، هو أن نظاماً اجتماعياً ما لا يقوم إلا على نظام أخلاقي، حتى إن تلك المظاهرات الصاخبة لم تكن تغويني، بل على العكس كنت أظنها عقيمة ومضرة عندما تعطي لعقول غير مهيأة الفرصة لمعارك وهمية وبطولات تمثيلية.
ومهما يكن فقد بقيت عجلة التاريخ تدور بما فيه الخير وما فيه الشر، وبقيت حياتي في بيتي وفي المدرسة كما هي، يوماً أفكر في عودتي للجزائر، ويوماً في انتقالي للطائف، وأصبحت عقدتنا الوهابية أنا وزوجي تزداد كل أسبوع يمر.
وإذا بخبر يفاجئنا في صحيفة مسائية، (باريس- سوار) نقلت خبراً غريباً تقول فيه: إن أحداثاً صارمة تتهيأ في الجزيرة العربية، فانطلقت صرخة واحدة منا معاً:
- آه ... إنهم يدبرون مؤامرة ضد عبد العزيز بن سعود ويحيكون مكيدة!! ..
لقد صعقنا هذا النبأ ذات أمسية من شهر آذار (مارس) عام 1934.
ومنذ الغد بدأت تظهر المكيدة في الصحافة الكبرى التي تحدثت عن (القبائل المتوحشة المتعصبة التي تعيش بنجد)، لقد اتضح الأمر؛ وخاصة أن