فكان (علي بن أحمد) ضد الاستعمار، وضد المصاليين لا يؤمن بوطنيتهم، وضد العلماء لا يؤمن بإصلاحهم، وضد السيد (أمين الحسيني) معتقداً فيه شيئاً غريباً، هو يدعي أنه دخل السجن فعوضه الإنجليز بشخص آخر يشبهه وجهاً ويحمل اسمه. ولا ينتهي (علي بن أحمد) عند هذا الحد بل كان أيضاً ضد القسنطينين أبناء مسقط رأس والدته، لأنه لا يرى فيهم ما يتمنى من الخشونة.
وبعبارة واحدة كان طبقاً لمزاجه، يقف من كل شيء موقف الضد ...
فلم تكن لهذا السبب علاقتي به متصلة ولا حميمة دائماً، فلم أدعُه مرة لبيتي، وأعتقد أنه كان يغتاظ من ذلك، ولكن لم تكن لي الخيرة لأن مزاجي جعلني أتجنب الفوضى والإفراط، خصوصاً في الميدان الفكري والأخلاقي.
وإنني أتذكر هذا متأسفاً على تفريط من طرفي تجاه رجل سيموت شهيداً على أية حال.
كان هتلر يشغل الصدارة في أحاديث باريس، وذات صبيحة أعلنت الصحف الصباحية في عناوين ضخمة على صفحتها الأولى، إفلاس بنك القرض بمدينة (بايون).
ربما بدا الحدث تافهاً ذلك اليوم، ولكن في عناوين صحف الغد ظهر اسم جديد (استافيسكي).
- من هو؟
ردّد هذا السؤال ذلك اليوم كل من قرأ جريدة (البوتي بارسيان) من فراشي باريس.
وأجابت الصحافة اليمينية في اليوم نفسه:
- إنه يهودي نزح من بولونيا منذ ست سنوات فقط، ووصل إلى فرنسا وعلى كتفه حزمة لباسه الرث فقط.