وفي مدينة (سيرتا) القديمة ظهر الوجود الاستعماري ظهوراً أعنف مما كان في تبسة.

وفي مقهى بن يمينة كان الناس يعلقون على آخر مراحل الصراع بين خالد ومورينو، وهو حوار بلغ ذروته في جريدة (الجهوري Le Républicain) التي أخذت تنكر على خالد لقب الإمارة.

أما الحديث في صحيفة (الشؤون العامة لقسنطينة عز وجلepêche de Constantine) فقد كان يجري الحوار بصورة مكشوفة حول حرب الريف، وأضحى اسم الأمير عبد الكريم يشار إليه بوضوح.

والشرطة الفرنسية بدأت تزعج أولئك الباعة المتجولين الذين يعرضون بضاعتهم في الطريق، من حلوى الفطير المقلي الذي يسمونه (الخفاف) أو (الاسفنج)، في ساعة مبكرة من الصباح ينادون عليه بصوت تقليدي: ((يا كريم)). وبدأت الإدارة تستنفر الفرسان من قبائل العرب للتجنيد.

لقد أصبحت هذه الحرب الحديث الرئيسي في مقهى بن يمينة. وغدا الناس يرون في منامهم أحداثاً ومشاهد فيفسرونها بما يتلاءم مع نهاية ظافرة للأمير عبد الكريم.

لقد كانت لي أحلامي أيضاً. وكنت أفسرها وفقاً لرمز خاص يمكن لي أن أنسبه إلى تربيتي البيتية الدينية. وكان تفسيرها في غير صالح (الريفيين).

ولكن الحلم ما كان له أن يغير الحقيقة في ناظري، فـ (الريفيون) كانوا أسوداً يكافحون وحشاً يفترسنا جميعاً. وبطولة (الريفيين) كانت تثار لشعب لا يستطيع أن يثار لنفسه.

وبعد عام من انتهاء تلك الحرب كتب أحد الصحفيين الأمريكيين معلقاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015