{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 1.

ومصدر التميز هو الإحساس بأنهم على الهدى وغيرهم على الضلال، وأن المنهج الذي يعيشون به هو المنهج الأعلى؛ لأنه المنهج الرباني، والذي يعيش عليه غيرهم هو المنهج الأدنى؛ لأنه منهج جاهلي، فهو ليس تميزا مبنيا على الجنس ولا اللون ولا الجاه ولا الغنى ولا القوة ولا أي معنى من المعاني الأرضية التي تعتز بها الجاهلية وتستعلي بها على الناس، إنما التميز المستمد من معرفة المنهج الرباني واتباعه.

ومع ذلك كله فكيف يكون التعامل الإسلامي مع غير المسلمين؟!

{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 2.

{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} 3.

كما أنه ليس مقتضى التميز والاستعلاء هو "مخاصمة" كل ما يأتي من مصدر غير إسلامي، إن كان شيئا نافعا في ذاته، ولم يكن متعارضا مع الإسلام، فقد أخذ المسلمون الأوائل من الحضارة الفارسية والحضارة البيزنطية ما رأوه نافعا لهم ولا يتعارض مع عقيدتهم وأخلاقهم وأفكارهم وتصوراتهم الإسلامية، إنما مقتضى ذلك ألا يأخذوا من مصدر غير إسلامي أمرا يتصل بالعقيدة أو يتصل بالقيم أو يتصل بالشريعة أو يتصل بالأخلاق؛ لأن مرجعهم في ذلك كله هو كتاب الله وسنة رسوله، وهو حسبهم وفيه كل ما يحتاجون إليه في هذه الأمور, أما "الأدوات" الحضارية، وأما "العلم" وأما "التجارب" النافعة فلا خصومة معها، ولا عداء ما دامت لا تصادم أصلا من أصول الإسلام.

ذلك هو الواقع الإسلامي.. وخلاصته أن "الإنسانية" الحقيقية "والسماحة" الحقيقية هي الإسلام!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015