منصفي الغرب على قلتهم! وكانت الأندلس هي الملاذ الآمن لليهود والنصارى على السواء، يشعرون فيها بالآمن الكامل في ظل الحكم الإسلامي، بينما أوروبا كلها تضطهد اليهود وتنكل بهم، وبينما النصارى المخالفون لمذهب الكنيسة يعيشون في رعب دائم من الإرهاب.
وفتح المسلمون الهند، وحكموها ثمانية قرون.. فلم يفرضوا العقيدة الإسلامية على الوثنيين الهنود، بل تركوهم لعقائدهم مع أن فيها ما لا يعقله عاقل، من عبادة للبقر، وتبرك بروثها وبولها.. وإنما فرضوا عليها فقط أن يكفوا عن بعض عاداتهم الوحشية التي كانوا يمارسونها من دفن الأرملة حية مع زوجها المتوفي، أو حرقها حية. من أجل رفع هؤلاء الناس إلى درجة الآدمية في بعض تصرفاتهم دون المساس بعقائدهم. وظل الهندوس محافظين على عقائدهم وتقاليدهم في ظل الحكم الإسلامي حتى تسلموا حكم الهند بمساعدة الصليبيين الإنجليز فردوا الجميل للمسلمين بالعدوان المستمر عليهم وتحريق قراهم وتعمد الإثارة الدائمة لهم. والتهييج الدائم لخواطرهم.
كذلك كان فتح المسلمين للأرض.. ومن أجل هذه المعاني الرفيعة أمرهم الله بالقتال لنشر الدعوة.. ومع ذلك فهم لا يبدءون بالقتال، إنما يبدءون بعرض الإسلام، فإن لم يقبل منهم فالجزية، فإن لم تقبل فالقتال من أجل إخراج الناس من ظلمات الجاهلية وظلمها إلى عدل الإسلام وسماحته، على النحو الذي تم به الأمر في واقع التاريخ.
وللحرب مع ذلك تقاليد.. بل قل إنها أخلاقيات الإسلام في كل شيء حتى مع المشركين المعاندين.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجيشه يعلمه أخلاقيات الحرب في الإسلام: "اغزوا باسم الله، وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا.." الحديث1.
ثم إن أعطوا الأعداء عهدا أو موثقا فالله يأمرهم أن يوفوا بالعهد ولا ينقضوا الميثاق، تحت أي ظرف من الظروف ولأي هدف من الأهداف، فإن خافوا منهم خيانة فلينبذوا إليهم عهدهم علانية ولا يغدروا ولا يفاجئوا عدوهم بالقتال قبل انقضاء العهد: