"واهن" بعد فقدانه الإيمان، والواهن لا يقدر على بذل الجهد الذي يحتاج إليه تعلم النافع من الأمور1.

لذلك لم يتعلم "المستغربون" من الغربيين قط قدرتهم الفائقة على "التنظيم" ولا جلدهم الشديد على "العمل" ولا التزامهم الشديد "بالانضباط" في كل شيء. إنما تعلموا اللهو والعبث والمجون والرطانة بلغة الأعاجم. وتعلموا -أسوأ من ذلك كله- التباهي بالانسلاخ من الدين والعرض والأخلاق الدينية المتطهرة من الرجس.

وكان ذلك هو التنفيذ الدقيق لوصية الصليبي القديم للصليبيين المحدثين.

أما القومية العربية فقد كان لها دور أخبث وأشد.

لقد كنا حتى اللحظة نتكلم عن الصليبي المستعمر ...

ولكن دخل معه -على نفس خطه- عدو آخر، هو اليهودي المستعمر، لغرض آخر خاص به، ولكنه يلتقي معه في النهاية في بغض الإسلام، والرغبة في القضاء على الكيان الإسلامي.

في عام 1897م عقد هرتزل -أبو الصهيونية كما يسمونه- مؤتمره الشهير في مدينة "بال" بسويسرا، ذلك المؤتمر الذي قرر فيه زعماء اليهود ضرورة إنشاء الدولة اليهودية خلال خمسين عاما في فلسطين.

وذهب هرتزل إلى السلطان المسلم عبد الحميد يعرض عليه كل المغريات التي يطمع فيها حاكم أرضي، ذهب يعرض عليه إنعاش الاقتصاد العثماني وكان متدهورا بسبب ما تنفقه الدولة لإخماد المناوشات المستمرة التي يقوم بها الأعداء لإحراج الدولة العثمانية أو "الرجل المريض" كما أطلقوا عليها في أواخر أيامها، ويعرض عليه قروضا طويلة الأجل ويعرض عليه التوسط لدى روسيا وبريطانيا بالكف عن إثارة الأقليات، فقد كانت روسيا تتعهد بإثارة الأقليات الأرثوذكسية وخاصة الأرمن وكانت بريطانيا تتكفل بإثارة بقية الأقليات! وكان ذلك من أشد ما يزعج الدولة ويعرض ميزانيتها للخراب.. وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015