الجهاد الإسلامي بادئ ذي بدء في أنها لا تنظر إلى "العدو" على أنه "صليبي مستعمر" ولكن على أنه "مستعمر" فقط.. وفرق واضح في درجة العداء وطريقة المجاهدة بين أن يكون العدو منظورا إليه على حقيقته، وبين أن يكون مغلفا برداء الاستعمار فحسب.
والهدف الثاني: هو تحويل حركات الجهاد الإسلامي على حركات "سياسية" عن طريق تحويلها إلى حركات وطنية ... فالعدو غير قادر على "التفاهم" مع الحركات الإسلامية؛ لأنه لا سبيل إلى التفاهم معها في الحقيقة إلا بإخراج ذلك العدو خارج البلاد. ومن ثم فلا سبيل إلى استعمال "السياسة" من جانب العدو. أما الحركات الوطنية فالتفاهم معها سهل وممكن! وعود من المستعمر بالجلاء. ويأتي الوقت الموعود فيتذرع المستعمر بشتى المعاذير لتأجيل جلائه، ويعطي وعودا جديدة يعتذر عنها بدورها إذا جاء دورها.. والساسة "الوطنيون" يغضبون -أو يتظاهرون بالغضب لإرضاء الجماهير- والجماهير تثور ثورة صاخبة -لكنها فارغة- سرعان ما تنطفئ بعد الاستماع إلى خطبة رنانة من الزعيم الوطني يعد فيها بأنه لن يفرط في شبر من الأرض، ولن يرضى بغير "الجلاء التام أو الموت الزؤام"! 1 وبين هذا وذاك تجري "مفاوضات" بين الساسة والاستعمار تنتهي إلى أشياء تافهة يلعب بها الساسة على عقول الجماهير فيوهمونها أنها "مكاسب وطنية" وقد تنتهي إلى غير شيء على الإطلاق، ومع ذلك يقول زعيم يعتبر من كبار الزعماء الوطنيين في العالم الإسلامي في العصر الحديث وهو سعد زغلول: "خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الإنجليز" ويقول: "الإنجليز خصوم شرفاء معقولون"!! وهو شيء ما كان يمكن أن يحدث لو بقيت حركة الجهاد الإسلامية كما كانت في مبدئها، ولم تتحول إلى حركة وطنية على يد الزعيم الكبير!!
والهدف الثالث: هو تيسير عملية "التغريب" من خلال تحويل حركة الجهاد الإسلامي إلى حركة وطنية سياسية ... فحين تقوم حركة الجهاد على أساس إسلامي يكون الباب موصدا تماما بين المجاهدين وعدوهم، لا يأخذون شيئا من فكره ولا عقائده ولا عاداته ولا تقاليده ولا أنماط سلوكه. أما حين يتحول الجهاد إلى حركة وطنية سياسية فالحاجز أرق، يسمح بالأخذ.. ومعاذير الأخذ