ولكن رد الفعل للحماقة التي ارتكبتها الكنيسة كان حماقة جديدة ارتكبها "العلماء"!

لقد كانوا معذورين في أن يتشككوا في كل حرف تقوله الكنيسة وتزعم أنه من عند الله، وفي أن يبدءوا العلم كله من نقطة الصفر، ويجربوا لأنفسهم ليثبتوا ... فهذا على أي حال هو المنهج العلمي الصحيح الذي تعلموه على أيدي أساتذتهم المسلمين. ولكنهم غير معذورين حين تصل بهم حقائق العلم إلى رؤية القدرة المعجزة للخالق، فيلوون رءوسهم في كبر، أو يهزون أكتافهم في استهتار "غير علمي" ويقولون إنه ليس الله، ولكنه الطبيعة!

هنا الحماقة التي لا يبررها شيء.. لا الأمانة العلمية ولا الإنسانية الحقيقية للإنسان!

ولكن أوروبا بدأت من هذه الحماقة ثم لجت فيها إلى أبعد الحدود..

مجرد ذكر اسم الله في البحث العلمي يعتبر إفسادا للروح العلمية، ومبررا لطرح النتائج العلمية كلها ولو كانت كلها صحيحة بمقياس العلم ذاته الذي جعلوه إلها من دون الله!

بل مجرد الاعتقاد بوجود الله، وأنه هو خالق الخلق وخالق الكون كفيل بإخراج العالم من دائرة العلماء الذين يعتد بهم ويؤخذ بآرائهم ولو كانت آراؤه صحيحة بمقياس البحث العلمي. بل إنه يحيط ذلك العالم بالارتياب والشك في كل ما يقول، ويجعله موضع الزراية من العلماء "الحقيقيين"! الذين لا بد أن يكونوا ملحدين لتكون آراؤهم موضع التسليم!

أي زراية بالعلم ذاته تؤدي إليه هذه الحماقة؟!

بل أي روح "غير علمية" تلك التي تسيطر على "العلماء" في تلك الجاهلية التي تقوم باسم العلم؟!

ما التعصب إذن، وما فقدان "الروح العلمية" والأمانة العلمية إذا كان هذا علما وأمانة وروحا علمية؟

وأي انتكاسة في عالم "القيم" وعالم "الإنسان" أكبر من تلك الانتكاسة الشنيعة التي ترفض "الحقائق" بمجرد الأهواء؟!

وكيف -كما قلنا من قبل- كيف يكون الشيء ذاته صحيحا "وعلميا" إذا نسب إلى الطبيعة وغير صحيح وغير علمي إذا نسب إلى الله؟! ويكون هذا هو الشرط الذي لا يقبل غيره للدخول في مجال العلم والعلماء؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015