واحتراف التأييد بحسب موضع كل حزب من الحكم، هل هو بداخله أم خارجه، بصرف النظر عن الحق والعدل والمصلحة الوطنية أو القومية، وتبيح الكذب من الساسة على شعوبهم في الدعاية الانتخابية "وغير الانتخابية" وتبيح استخدام وسائل استراق السمع بحجة المحافظة على الأمن، وهي تقوم أساسا على مساندة الطبقة الرأسمالية في امتصاص داء الكادحين وإن أخرجت ذلك كله في مسرحية طريفة اسمها "الحرية والإخاء والمساواة" وهذا كله في السياسة الداخلية ...
أما في السياسة الخارجية فالأمر أدهى وأمر.
فالقرن الجاهلي العشرون هو الذي شهد أبشع حالات قانون الغاب: القوي يأكل الضعيف.
في حربين عالميتين متتاليتين شهد الناس أفظع فنون العدوان في التاريخ, من غازات سامة وقنابل محرقة وتدمير جماعي وقتل للنساء والأطفال والشيوخ والمدنيين غير المحاربين.. إلى أن كانت القمة قنبلتي هيروشيما ونجازاكي الذريتين، اللتين ما تزالان حتى اليوم بعد أربعين سنة من إلقائهما تنتجان أجنة مشوهة بفعل الإشعاع الذري السام، وذلك غير الخراب المدمر الذي أحدثتاه وقت إلقائهما في مساحة كبيرة من الأرض قتلتا فيها كل من عليها من الأحياء من البشر والدواب والشجر، وحرمتا الحياة فيها لأجل غير معلوم!
والقنبلة الذرية لعبة صغيرة إلى جوار المدمرات التي اخترعت بعد ذلك، والتي تهدد الحياة في أي حرب تالية تقوم بين الوحوش ويصلاها الآدميون!
وذلك إلى إباحة الكذب الدولي والخيانة على أنهما عملة "شرعية" في عالم السياسة الدولية!
تبرم المعاهدات لكي تنقض! ويعلم المبرمون جميعا أنها حبر على الأوراق! وأنه لن يتقيد بها أي طرف إلا ريثما يجد الفرصة السانحة للخروج عليها وإلقائها طعمة للنيران!
وتتكون عصبة للأمم وهيئة للأمم كلتاهما ستار للسياسة العدوانية التي تتخذها "الدول العظمى" ضد الدول الصغار! وانظر موقف هيئة الأمم "الموقرة" من أية قضية يكون المسلمون طرفا فيها أمام غير المسلمين، يقع العدوان على المسلمين في أي مكان في الأرض فتمرره الهيئة الموقرة باحتجاج شفوي على أقصى تقدير لا يغير شيئا من الواقع ولا يسمن ولا يغني من جوع!