يقول راندال "ج1 - ص281 من الترجمة العربية من المصدر السابق".

"تعود أصول فكرة العقد الاجتماعي إلى الفكر الروماني وفكر القرون الوسطى معا، وقد كانت الإمبراطورية الرومانية -كما ضمنت في مجلة الحقوق المدنية- على القول بأن كل السلطة وكل حق في وضع القوانين يعودان للشعب الروماني، غير أن الشعب تنازل بموجب قانون شهير عن هذه الحقوق للإمبراطور، وهو تفسير طبيعي لمجرى التاريخ الروماني، فجميع حقوق الشعب الروماني وجميع سلطاته انتقلت إلى الإمبراطور، وله وحده حق"إصدار" القوانين وحق تفسيرها، وعندما تم إحياء القانون الروماني في القرون الوسطى، انتبه الإمبراطور إلى هذه النظرية واتخذها سلاحا ضد سيطرة الكنيسة، ثم تبعه في ذلك جميع الأمراء، وهكذا نشأت نظرية العقد الاجتماعي القائلة بأن كل سلطة مدنية ترتكز في أساسها على الشعب، وأن الشعب قد حولها إلى الحاكم ليمكنه من القيام ببعض الوظائف الضرورية، ومن الواضح أنها نظرية ذات حدين.. فقد تفسر لتأكيد سلطة الحاكم الشاملة باعتباره مصدر جميع السلطات، أو لتأكيد سيادة الشعب الأساسية باعتباره المصدر الأخير لتلك السلطة ... ".

وكان "مكيافيللي" و"هوبز" من أشهر المدافعين عن الحق الإلهي المقدس، وعن استبدادية الحكام.

ويهمنا مكيافيللي هنا أكثر؛ لأنه علم على اتجاه معين في السياسة الأوروبية نلحظ آثاره بشدة في أوروبا العلمانية المعاصرة.

هناك حقيقة أكدناها مرارا أن الحكم بما أنزل الله لم تعرفه أوروبا المسيحية في أي يوم من الأيام, وأن علمانية الحكم -بهذا المعنى- قائمة في أوروبا منذ اعتنقت المسيحية، ولكن هذا لم ينف -كما بينا مرارا كذلك- أنه كان للكنيسة ورجالها نفوذ شخصي على الملوك والأمراء طيلة اجتماع السلطة الزمنية والسلطة الروحية في يد الكنيسة، وفي تلك الفترة لم يكن الحكم دينيا بالمعنى الصحيح -وإن سمته أوروبا كذلك- لأنه لم يكن يحكم بما أنزل الله لا من قبل الملوك والأمراء ولا من قبل الكنيسة المسيطرة عليهم، ومع ذلك فقد كان هذا النفوذ الديني الذي تمارسه الكنيسة على الحكام يلزم هؤلاء الحكام بشيء من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015