وترسيخها في الدين ... فدعونا إذن من الدين، وتعالوا معنا إلى تلك المصادر "الحرة" التي يقبل عليها الإنسان إقبالا "طبيعيا" و"ذاتيا" دون أن يحس بالقهر المفروض عليه من قوة أعلى منه!

وفي الوقت ذاته اتجه هذا "الفكر المتحرر" إلى عبادة الطبيعة بدلا من عبادة الله، ونسبة الخلق إليها بدلا من الله. وقد تحدثنا من قبل عن هذا الأمر بما فيه الكفاية فلا نعود إلى الحديث فيه، ولكن نضعه فقط في مكانه من التسلسل التاريخي.

وفي ذات الوقت كذلك اتجه الفن إلى مناجاة الطبيعة بدلا من مناجاة الله, وتأليهها بدلا من تأليه الله1.

ومضى الزمن في خطواته، وجاءت الثورة الصناعية ... وجاء مزيد من إبعاد الدين عن الحياة.

ففي العهد الزراعي -أو الإقطاعي كما يسمونه- كان ما يزال للدين نفوذ كبير في حياة الناس.

كان الملوك قد استقلوا عن سلطان البابا، وقامت "علمانية الحكم" بفصل الدين عن السياسة "أي: إقصاء رجال الدين عن التدخل في شئون السياسة" ولكن الكنيسة كان ما يزال لها سلطان ضخم على أخلاق الناس وعاداتهم وأفكارهم رغم كل الصراعات وكل الاعتبارات.

ولكن الثورة الصناعية أحدثت -أو أو أريد لها أن تحدث- هزات عنيفة في حياة الناس.

ولقد مر بنا في الفصول السابقة تفصيل ما صنعت الثورة الصناعية في حياة أوروبا، وما بنا من حاجة إلى إعادته، ولكنا نذكر مجرد تذكير بإخراج المرأة إلى العمل وإفساد أخلاقها وإفساد أخلاق الرجل معها، واستغلال قضية المساواة مع الرجل في الأجر لبث روح الصراع في نفس المرأة وإحراج صدرها من قوامة الرجل والعمل في البيت والتفرغ للأمومة، وما نتج عن ذلك كله من تحطيم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015