وكون هذه نكتة لا يغير شيئا من الحقيقة، ولا يخفف شيئا من بشاعة الإرهاب.. فهي نكتة ذات دلالة على الواقع المرهوب.
والمهم على أي حال أنها ليست "دكتاتورية البروليتاريا" كما كانوا يزعمون في النظرية، إنما هي الدكتاتورية التي تعاني غصتها البروليتاريا المسحوقة تحت الأقدام، إنما كانت أسطورة تمليك المصانع للعمال، وأسطورة منح السلطة للعمال مجرد إغراءات دعائية ليقبل الناس على الفخ المنصوب!
أما كفالة الدولة لكل فرد من أفراد المجتمع فهي الشيء الوحيد الذي برزت به الشيوعية في عالم الواقع على كل جالهيات التاريخ.
لا يوجد فرد لا يأكل ولا يلبس ولا يسكن من كل أفراد الشعب. وهذا هو الواجب الذي نكلت عنه الدولة الإقطاعية والدولة الرأسمالية على السواء، وإذا كانت الدولة الرأسمالية الحديثة قد اقتربت من أداء هذا الواجب شيئا من الاقتراب بالضمانات الاجتماعية والإعانات التي تصرف للمتعطلين من نقاباتهم أو من الدولة، وبالرعاية الصحية المجانية، وبالخدمات المجانية العامة ... إلخ، فإنها لم تبلغ بعد الحد الذي التزمت به الدولة الشيوعية، فضلا عن كونها قد فعلت ما فعلت لا بدافع إنساني ولكن خوفا من الشيوعية من جهة, وخوفا من الضرر الذي يلحقها إذا لم تستجب لطلبات العمال المطالبين بهذه الحقوق.
ولكن لنا على هذه الكفالة مجموعة من الملاحظات، إذا قسناها على الكفالة التي قررها الإسلام لكل فرد من أفراد الأمة قبل ذلك بثلاثة عشر قرنا من الزمان.
تكفل الدولة الشيوعية أفرادها على الحد الأدنى الذي وصفناه من قبل، ومع ذلك لا تكفلهم وهم كرماء على أنفسهم ولا على دولتهم! ولا نتحدث الآن عن تكليفهم بالعمل -رجالا ونساء- مقابل كفالتهم، أي: إن الدولة لا تتفضل عليهم بالكفالة إنما هي تجندهم لحسابها وتستصفي جهدهم كله قبل أن تعطيهم ضرورات حياتهم، وتهددهم تهديدا صريحا بقولها: من لا يعمل لا يأكل.
لا نتحدث الآن عن هذا. فالعمل على أي حال هو الأصل في حياة الإنسان وليست البطالة هي الأصل.. ولكنا نقول إن الدولة الشيوعية بإلغائها الملكية الفردية والعمل الحر، وتحويل كل الناس إلى إجراء للدولة، إنما تستذلهم في