صحيح ما يقولون.. ولكنها صحة محددة بنطاق معين، وليست صحة مطلقة ...
صحيح بالنسبة للجاهليات.. ففي الجاهليات يصدق القول بأن الذي يملك هو الذي يحكم، وحين حيكم يشرع لصالح نفسه وصالح طبقته على حساب بقية الطبقات ... ومن ثم ينشأ صراع بين الطبقات، ويدور الصراع حول متاع الأرض؛ لأن الجاهلية مفتونة أبدا بمتاع الأرض؛ ولأنه في غياب القيم العليا لا يبقى للناس إلا متاع الأرض يتصارعون حوله ويتقاتلون عليه.
أما في النظام الرباني فليست هناك -بادئ ذي بدء- طبقات! ومن ثم فلا يوجد صراع طبقي!
ومن كان في شك من هذه الحقيقة فليرجع إلى تعريف "الطبقة" وتعريف "الصراع الطبقي" عند الماديين أو عند غيرهم سواء.
الطبقة مجموعة من الناس يجمع بينهم وضع اقتصادي معين ومن ثم تجمع بينهم مصالح اقتصادية معينة، ويشملهم وضع تشريعي معين، فهم إما الطبقة التي تملك، ومن ثم فهي التي تحكم، وإما الطبقة التي لا تملك ومن ثم فهي لا تحكم، وإنما يقع الحكم عليها.
وبيان ذلك من عهود الرق والإقطاع والرأسمالية كالآتي:
في عهد الرق كان الناس طبقتين رئيسيتين: طبقة السادة وطبقة العبيد. السادة يملكون كل شيء، ويملكون جميع الامتيازات والعبيد من بين "الأشياء" التي يملكها السادة، لا حقوق لهم على الإطلاق، والسيد يتصرف فيهم كما يشاء.
وفي عهد الإقطاع في أوروبا كان الناس ثلاث طبقات رئيسية: طبقة الأشراف "أمراء الإقطاع" وطبقة رجال الدين وطبقة الشعب، وكان الأشراف ورجال الدين متحالفين كأنهما طبقة واحدة، وكانا يملكان ويحكمان كل في دائرته واختصاصه، والشعب لا يملك ولا يحكم وإنما يقع عليه عبء الطبقتين السالفتين جميعا.
وفي عهد الرأسمالية انقسم الناس إلى طبقتين رئيسيتن: طبقة أصحاب رءوس الأموال وطبقة العمال. وفي ظاهر الأمر -من خلال مسرحية الديمقراطية والتمثيل النيابي- يبدو أن الشعب -الذي لا يملك- صاحب سلطان ولكن الحقيقة المستترة وراء المسرحية أن الحاكم الحقيقي هو المالك