أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ، نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} 1.

{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ، أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} ؟! 2.

نعم ... هناك عوامل خارجية في الكون المادي وفي البيئة المحيطة بالإنسان تبعث مشاعر التدين وتوقظها، ولكنها لا تنشئها من العدم، إنما هي موجودة هناك في أعماق الفطرة، وهذه العوامل توقظها فقط؛ لأن الله جعل الفطرة هكذا بحيث تستيقيظ حين تتلقى إيقاعات الكون المادي وإيقاعات الأحداث الجارية في محيط الإنسان، فتمضي تبحث عن الخالق سواء اهتدت في بحثها أم ضلت عن السبيل.

ودليلنا على ذلك هو التاريخ البشري كله، لا ينقص من دلالته وجود جيل أو جيلين نافرين جاحدين شذا عن الطريق.

ودليلنا من العالم الشيوعي ذاته هو جاجارين رائد الفضاء الأول، الذي ولد في الشيوعية تربى فيها على الإلحاد الكامل وإنكار وجود الله، فلما صعد إلى الفضاء هزته روعة الكون، فكان تصريحه الأول للصحفيين عند هبوطه إلى الأض: "عندما صعدت إلى الفضاء أخذتني روعة الكون فمضيت أبحث عن الله"3!

ودلينا عليه من الجاهلية المعاصرة كذلك أولئك العلماء الذين تعمقوا في دراسة أسرار الكون فهداهم علمهم إلى أنه لا يمكن تفسير عجائب الكون إلا بالتسليم بوجود الله، مما نقلنا فقرات منه في هذا الفصل من قبل ونحن نتحدث عن التفسير المادي للخالق.

الدين إذن مركوز في الفطرة:

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015