ذلك هو الذي يحدث التغيير الجوهري في حياته، سواء كان في الحالة الرعوية أو الحالة الزراعية أو الحالة الصناعية أو الحالة الذرية "إن كانت هذه تعتبر تحولا في طريقة الإنتاج على المدى البعيد! " أو في أي حالة من الحالات المادية على الإطلاق، والسبب في ذلك أن الإنسان -بخلقته- ذو طريقين مختلفين كل الاختلاف من حيث الأسباب والنتائج والوسائل والأهداف.

{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 1.

{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} 2.

{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} 3.

وهو في الوضع السوي حين يعبد الله وحده ويحكم شريعته، وفي الوضع المقلوب حين يعبد غير الله ويحكم شريعة غير شريعة الله، ولا يستوي الوضع السوي بطبيعة الحال مع الوضع المقلوب، والفارق بينهما فارق جذري وجوهري، أما التغيرات المادية والاقتصادية فهي تغير الصورة نعم، ولكنها لا تغير الجوهر.

ومن هنا يكون للبشرية -في كل أوضاعها المادية والاقتصادية- حالتان اثنتان فحسب: إما سوية معتدلة وإما مقلوبة، بصرف النظر عن الوضع المادي والاقتصادي ذاته. أي: إنه يكون رعويا في حالة اعتدال أو رعويا على الوضع المقلوب، ويكون زراعيا في حالة اعتدال أو زراعيا على الوضع المقلوب, ويكون صناعيا في حالة اعتدال أو صناعيا على الوضع المقلوب, ويكون ما شاء الله له أن يكون من الأوضاع المادية والاقتصادية على حالتين اثنتين: مهتديا فتستقيم حياته، أو ضالا فتضطرب حياته وتختل.

والذي درسته المادية الجدلية والتفسير المادي للتاريخ هو خط الضلال البشري من الشيوعية الأولى إلى الرق إلى الإقطاع إلى الرأسمالية إلى الشيوعية الثانية -كما سنشير فيما بعد- ولم يدرس قط خط الإيمان التاريخي سواء عن عمد أو غير عمد4, لذلك التفت التفسير المادي للتاريخ إلى التغيرات الجزئية التي حدثت في الانتقال من كل طور اقتصادي إلى الطور الذي تلاه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015