"أو الجدل" إن إحدى وجهتي النظر تأخذ في التراجع المؤدي إلى التسليم، بينما تأخذ وجهة النظر الأخرى في التفوق حتى تتغلب في نهاية الأمر، وإن كانت في غلبتها لا تلغي الأخرى تماما بل تبقى منها بقايا تظهر في الحقيقة النهائية.

والمادية الجدلية -كما سنبين فيما بعد- تتصور الأحداث -سواء كانت طبيعة "مادية" أو بشرية- على هذا النحو ذاته، حيث تكون هناك قوة في اتجاه معين وقوة أخرى مناقضة لها في الاتجاه المضاد، ثم يحدث الصراع الذي ينتهي بانهزام القوة الأولى -وإن كانت لا تزول تماما- وتغلب القوة الثانية وإن كانت غلبتها ليس تامة. ومن ثم فإن استعارة "الجدل" من ذلك الحوار الفلسفي مناسبة لذلك التصور ومعبرة عنه.

يقول ستالين في تعريف الجدلية "الديالكتيك".

"أخذت كلمة "ديالكتيك"، ومن الكلمة اليونانية "دياليجو" ومعناها المحادثة والمجادلة، وكان الديالكتيك يعني في عهد الأولين: فن الوصول إلى الحقيقة باكتشاف المتناقضات التي يتضمنها استدلال الخصم، وبالتغلب عليها، وكان بعض الفلاسفة الأولين يعتبرون أن اكتشاف تناقضات الفكر والمصادمة بين الآراء هما خير وسيلة لاكتشاف الحقيقة فهذا الأسلوب الديالكتيكي في التفكير، الذي طبق فيما بعد على حوادث الطبيعة، أصبح هو الطريقة الديالكتيكية لمعرفة الطبيعة.

"إن حوادث الطبيعة بموجب هذه النظرية هي متحركة متغيرة دائما وأبدا، وتطور الطبيعة هو نتيجة تطور تناقضات الطبيعة نتيجة القوى المتضادة في الطبيعة"1.

ويقول كاريوهنت: "الجدلية إذن هي فكر ونقيضها، ثم تآلف النقيضين، فالفكرة تؤيد القضية، والنقيض ينكرها، أو بتعبير هيجل ينفيها. أما تآلف النقيضين فيحتضن ما هو حقيقي: الفكرة ونقيضها، وبهذا يقربنا خطوة نحو الحقيقة، ولكن حالما يتعرض تآلف النقيضين إلى فحص أدق، نجدها هي أيضا ناقصة، وهكذا تعود العملية فتبدأ من جديد بفكرة أخرى بنفيها ونقيضها, ثم يجري التوفيق بينها بتآلف جديد للنقيضين.

"وبهذه الطريقة المثلثة يمضي الفكر حتى يصل في النهاية إلى المطلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015