ودعك مرة ثالثة من أن اليهودية الشريرة هي التي وسعت تلك القضية ولعبت بها لإفساد المجتمع البشري كله، فإن اليهودية الشريرة ما استطاعت أن تفعل ذلك إلا في مجتمع متفسخ أدار ظهره للهدي الرباني فركبته الشياطين.. وخذ الصورة الظاهرة وهي أن "المرأة المتحررة" ... المتحررة من الدين والأخلاق والتقاليد بل من الحياء الفطري ذاته، تمر بموافقة البشر كلهم ورضاهم وطلبهم للمزيد من "التحرر"!.. فهل استقامت الحياة حين تحررت المرأة على هذه الصورة التي شرعها البشر؟!

وخذ مئات من التشريعات التي شرعها البشر -كلهم في الجاهلية المعاصرة- وانظر آثارها في حياتهم، الجنون والقلق والأمراض النفسية والعصبية والانتحار وإدمان الخمر والمخدرات والجريمة وتشرد الأطفال وجنوحهم ... إلى جانب الفردية الجامحة، وتفكك الأسرة وتفكك المجتمع وقتل المشاعر الإنسانية وتحويل الإنسان إلى حيوان آلي، تدير الآلة نصف حياته وتدير بقيتها الشهوات!

ذلك كله حين يشرع البشر لأنفسهم، ولو شرعوا كلهم مجتمعين متناسقين بلا تظالم ولا صراع! ذلك أن البشر -بطبيعتهم- يتصفون بالقصور والجهل والعجز عن الإحاطة والعجز عن رؤية النتائج الكاملة المترتبة في المستقبل على أعمالهم الحاضرة، فحين يتجاوزون الاجتهاد فيما أذن الله بالاجتهاد فيه1, ويحلون ويحرمون بغير ما أنزل الله, تقع تلك الفوضى الضاربة أطنابها، ويقع ذلك الشقاء المرير الذي يملأ وجه الأرض..

وهكذا يتبين لنا أن قضية "من المعبود؟ " ليست قضية غيبية خاصة بالآخرة كما يصورها الجاهليون المحدثون، ولكنها -بالإضافة إلى كونها متعلقة بالآخرة- قضية من صميم هذه الحياة الدنيا؛ لأنه يترتب عليها تقرير "من المشرع؟ " أي: من واضع منهج الحياة للناس.. وأنه حين لا يكون الله هو المعبود وحده بلا شريك تختل الحياة الدنيا بجملتها ويقع الناس في الخبال.

فإذا قومنا الديمقراطية بهذا الميزان فكيف تكون النتيجة؟!

الله هو المعبود في الديمقراطية الليبرالية وحده دون شريك؟! أم هناك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015