لم يصبح التعليم حقا "للشعب" في أوروبا إلا بعد كفاح مرير.
ففي ظل الإقطاع لم يكن للتعليم كله شأن يذكر. ولكن السادة على أي حال كانوا يتعلمون في القصور ما يليق بهم من العلم في ذلك الحين. يتعلمون اللاتينية والإغريقية والشعر والأدب ونصوصا من الكتاب المقدس وشيئا من الحساب وما شابه ذلك. أما أبناء الشعب فإن تعلموا شيئا من الكتاب المقدس على يد راعي الأبرشية فذلك حسبهم وزيادة, فما الذي يصنعون بالعلم وهم في داخل سياج القرية أو الإقطاعية, قد لا يفارقها الواحد منهم طيلة حياته. إنما يتلقى الصبي منهم "ثقافته" من أحاديث الكبار التي يرددون فيها خبراتهم التافهة عن الأرض والمحاصيل والضرائب والواجبات المفروضة عليهم، وزواج فلان من أهل القرية أو موت فلان, وأقاصيص الثراء في قصر "النبيل" صاحب الإقطاعية وما يقيم في قصره من مآدب وولائم، وما يقع منه ومن وكيله من مظالم على العباد.
لذلك كانت الأمية هي الغالبة على "الشعب" وكان المتعلمون قلة نادرة في كل أبواب التعليم، معظمهم بطبيعة الحال من أهل المدن، حيث توجد المدارس، وحيث أهل المدينة يحتملون نفقات التعليم.
ثم جاءت الثورة الفرنسية ثم الثورة الصناعية فرجتا المجتمع رجا, وبدلتا