وحين برزت أوروبا فقد برزت بكل جاهليتها، وبكل الفساد الذي كانت تحمله في أطوائها نتيجة إفساد الكنيسة لدين الله المنزل، فأتاحت للشعب الشرير المتربص للإفساد أن يركب وأن يلهب ظهورها بالسوط ليقودها في طريق الشيطان.
وزاد الأمر سوءا حين زاد تفريط هذه الأمة في دينها حتى لم تعد تؤدي شيئا يذكر من رسالتها لذات نفسها، فضلا عن رسالتها العالمية بطبيعة الحال، وحينئذ أتيحت الفرصة لأوروبا الصليبية أن تقهر العالم الإسلامي وأن تدخل أرض الإسلام لتدك حصونها من الداخل، وأتيح لليهود -من خلال الحملة الصليبية الغازية- أن ينشروا سمومهم في العالم الإسلامي ذاته، بنفس الوسائل التي نشروا بها سمومهم في العالم الإسلامي ذاته، بنفس الوسائل التي نشروا بها سمومهم في أوروبا، سواء كان ذلك بأيديهم مباشرة أو بأيدي الصليبيين الذين يقومون بذات الدور ضد الإسلام لحسابهم الخاص!
ومن ثم دخل "الأمميون" المسلمون في ذات الدوامة، وصاروا هم أنفسهم -إلا من رحم ربك- يمدون الحبل لليهود! وتم لليهود ذلك السلطان الذي أشارت إليه الآية الكريمة على سبيل الاستثناء من الذلة الدائمة المفروضة عليهم: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} 1.
الأمة المسلمة إذن هي المسئول الأكبر عما أصاب البشرية كلها من الخبال على يد اليهود. فقد أنزل الله إليها النور، وأنزل إليها الرسالة الخاتمة وشرفها بخاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم, لا لتتلهى بذلك كله, وإنما لتكون -بكل ثقلها، وبكل فاعليتها- جهدا، دائما وحركة دائمة لنشر النور والهداية في الأرض.
فإذا تخلت فمن يحمل الرسالة؟!
وإذا تخلت فأي شيء في الأرض يحول دون الشعب الشرير المتربص للإفساد؟!
وإذا كان تخلي الأمة المسلمة عن رسالتها هو الذي أتاح الفرصة لليهود ليحدثوا في الأرض كل هذا الشر عن طريق الأمة الجاهلية التي تولت السلطان حين تخلى المسلمون.. فإن عودة المسلمين إلى الإسلام هي التي تنهي دور اليهود في الأرض وتعيدهم إلى حجمهم الطبيعي: