إن إخراج المرأة من البيت ودفعها إلى العمل في الخارج -أيا كانت الدوافع التي أدت إليه, وأيا كانت النوايا الكامنة وراء ذلك- قد أحدث دمارا عنيفا في المجتمع، لا يمكن الإحاطة بكل أبعاده؛ لأنه ما زال يلد شرورا جديدة حتى هذه اللحظة.
إن تخصيص المرأة للبيت لوظيفة الأمومة ورعاية النشء لم يكن ظلما للمرأة، ولا تحقيرا لها، ولكن الجاهلية هي التي جعلته كذلك حين عيرت المرأة بأنها تحمل وتلد ولا تصنع غير ذلك!
والجاهلية -دائما- تظلم المرأة وتقسو عليها وتهينها وتعيرها، ولا ينقذها من ذلك شيء إلا شرع الله ومنهجه المنزل لإصلاح البشرية, وإقامة العدل في الأرض.
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} 1.
كل جاهلية من جاهليات التاريخ عيرت المرأة بوظيفتها وجعلتها تشعر أنها دون الرجل من أجل هذه الوظيفة.. بينما يقول الوحي المنزل من عند الله:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} 2.
فالوصية هي بالوالدين كليهما، ولكن التكريم الأكبر هو للأم التى حملته وهنا على وهن.
ويسأل رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم: من أولى الناس بحسن صحابتي قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك": قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك"! 3 والحديث واضح الدلالة على تكريم الأم ووظيفة الأمومة.
أما وهي زوجة فهذا هو المنهج الرباني:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} 4.