إلى السيد المسيح، كما نسبت إليه من قبل أنه قال إنه إله وإنه ابن الله.. سواء بسواء!
جاء في أناجيلهم هذه القصة:
"ذهب الفريسيون وتشاوروا لكي يصطادوه "أي: السيد المسيح" بكلمة، فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودوسيين قائلين: يا معلم! إنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالي بأحد؛ لأنك لا تنظر إلى وجوه الناس فقل لنا ماذا تظن؟ أيجوز أن تعطي جزية لقيصر أم لا؟ فعلم يسوع خبثهم وقال: لماذا تجربونني يامراءون؟ أروني معاملة الجزية. فقدموا له دينارا فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له: لقيصر! فقال لهم: أعطوا إذن ما لقيصر لقيصر وما لله لله! فلما سمعوا تعجبوا وتركوه ومضوا"1.
وليس لنا من سبيل إلى الجزم في أمر هذه القصة، هل حدثت بهذه الصورة أم بغيرها أم لم تحدث على الإطلاق. وإن كنا أقرب إلى الشك فيها منا إلى إثباتها. ولكنا نفترض جدلا أن القصة حدثت على هذا النحو، وأن المسيح تكلم بهذه الألفاظ، فهل يمكن أن يكون قصده منها هو إعطاء الشرعية لأمر قيصر الذي لا يؤمن بالله ورسوله ولا يتحاكم إلى شريعة الله، وقسمة شئون الحياة بين قيصر وبين الله سبحانه وتعالى بحيث يكون ليقصر نطاق يتصرف فيه على هواه ويطاع فيما يأمر به، وتكون بقية الشئون -التي لا يهتم بها القيصر- هي النطاق المتروك لله؟!
وما الشرك إذن في أجلى صورة؟!
إن هذا المعنى يستحيل أن يخطر في بال المؤمن العادي الذي يؤمن بلا إله إلا الله. فكيف بنبي مرسل من عند الله؟!
إن أقصى ما يمكن أن تدل عليه القصة -على فرض صحتها جدلا- أن المسيح عليه السلام يقول لهم: إننا لم نؤمر الآن بقتال قيصر، فإذا فرض عليكم الجزية -ولا قبل لكم اليوم برد سطوته عنكم- فادفعوا له الجزية حتى يأتي اليوم الذي يؤذن لكم فيه بالقتال لإخضاع قيصر لشريعة الله. وهذا كما قيل للمؤمنين في مكة: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} 2 حتى جاءهم الإذن بالقتال في قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ