ولا يعد ذلك عيبا ولا رذيلة؛ لأنه هو الانعكاس الطبيعى للطور الاقتصادي القائم. بل إن الأسرة الصغيرة ذاتها تتفكك روابطها بسبب العمل، عمل الرجل والمرأة كليهما، كل في مكان، وعدم ارتباط الزوجة بالبيت وتربية النشء، ولا يعد ذلك عيبا كذلك ولا رذيلة؛ لأنه لا توجد قيم ثابتة في حياة البشرية. لا توجد فضيلة ثابتة ولا رذيلة ثاتبة إنما الفضيلة ما يوافق الطور الاقتصادي القائم والرذيلة ما لا يوافقه. فكما كانت العفة هي الفضيلة في المجتمع الزراعي يصبح التحلل هو الفضيلة في الطور الصناعى أو هو الأمر الطبيعى على أقل تقدير. وكما كانت سيطرة الأب هي الفضيلة في المجتمع الزراعي يصبح فقدان سيطرة الأب هو فضيلة المجتمع الصناعي أو هو سمته الطبيعية. وكذلك كانت الأسرة المترابطة قيمة من القيم الاجتماعية المستحسنة في المجتمع الزراعى، وتصبح الأسرة المفككة -حتى على النطاق الصغير- هي القيمة الاجتماعية المستحسنة في المجتمع الصناعى أو هي السمة الطبيعية على أقل تقدير!
فإذا جاءت الشيوعية -وهي المرحلة الحتمية الأخيرة في حياة البشرية- فلسنا في حاجة إلى تعديل جذري في القيم والعقائد والأفكار.. لأنه هكذا طيب!!
تتغير فقط الصورة الاقتصادية فتلغي الملكية الفردية إلغاء كاملا وتصبح الدولة هي المالك الوحيد.. ولكن القيم المباركة التى أنشأها المجتمع الصناعي تظل قائمة ويزاد فيها فقط حتى تصل إلى نهايتها. فالدين يلغى إلغاء كاملا، ويقضى على البقية الضعيفة الباقية منه في المجتمع الرأسمالي؛ لأن مهمته التي يقوم بها هناك -وهي تخدير الكادحين ليرضوا بالظلم الواقع عليهم- تنتهي في المجتمع الشيوعي الملائكي الخالي من الظلم، فلا يعود للدين حاجة ألبتة. وتفكك الأسرة تفكيكا كاملا؛ لأنها بقية -سخيفة- من بقايا العهود الرجعية التي كانت تمارس فيها الملكية الفردية فتتربى الأثرة في نفوس الأبوين رغبة في توريث أبنائهم.. فالآن وقد ألغيت الملكية الفردية فالأسرة نشاز في المجتمع الجديد "المتطور" والأولاد ملك الدولة، هى التي تملكهم -ملكية جماعية! - وهي التي تنشئهم التنشئة الصحيحة، وليس لأبويهم إلا ولادتهم لحساب الدولة..
وأما العلاقات الجنسية فهى حرة حرية كاملة؛ لأننا عدنا -عودا على بدء- إلى الشيوعية، إلى تناول حاجات الحياة كلها على المشاع.. وهنا تصل البشرية إلى قمة التطور الذي ليس بعده شيء!