وعن أبى موسى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان يوم القيامة لم يبق مؤمن إلا أتى بيهودي أو نصراني حتى يدفع إليه فيقال له: هذا مكانك من النار".
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله عز وجل يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل منها مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يارب، فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل فيقول: لا يا رب فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول أحضروه، فيقول: ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فيقال: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة. قال: فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل شئ مع اسم الله عز وجل".
ونظر الفضيل بن عياض إلى تسبيح الناس وبكائهم يوم عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل يسألونه دانقاً (?)، أكان يردهم؟ فقيل: لا فقال: والله المغفرة عند الله عز وجل أهون من إجابة رجل لهم بدانق!.
وعن إبراهيم بن أدهم قال: خلا لى الطواف في ليلة مظلمة شديدة المطر، فلم أزل أطوف إلى السحر، ثم رفعت يدي إلى السماء. فقلت: اللهم إنى أسألك أن تعصمني عن جميع ما تكره. فإذا قائل يقول في الهواء: أنت تسألني العصمة، وكل خلقي يسألني العصمة، فإذا عصمتك فعلى من أتفضل؟
فهذه الأحاديث مع ما ذكرناه في كتاب الرجاء، تبشرنا بكرم الله تعالى وسعة رحمته وجوده. ونحن نرجو من الله سبحانه أن لا يعاملنا بما نستحقه، وأن يتفضل علينا بما هو أهله. ونحن نستغفر الله عز وجل من أقوالنا التي تخالف أعمالنا ومن كل تصنع تزيناً به للناس، وكل علم وعمل قصدناه، ثم خالطه ما يكدره، فبكرمه نستشفع إلى كرمه، وبجوده نسأل من جوده، إنه قريب مجيب.
والحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكريم وجهه عز وجل.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.