عن ذلك إلا من لم تصدق نيته، فإن الإنسان لو اهتم بأمر الآخرة كما يهتم بأمر الدنيا لنالها. وقد فعل ذلك السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان.

ويستعان على التخلص من الغرور بثلاثة أشياء.

العقل: وهو النور الأصلي الذي يدرك به الإنسان حقائق الأشياء.

والمعرفة: التي يعرف بها الإنسان نفسه وربه ودنياه وأخرته.

وفى كتاب المحبة، وشرح عجائب القلب، والتفكر، وكتاب الشكر إشارات إلى وصف النفس، ووصف جلال الله سبحانه.

ويستعين على معرفة الدنيا والآخرة بما ذكر في كتاب "ذم الدنيا" وكتاب "ذكر الموت"، فإذا حصلت هذه المعارف، ثار من القلب بمعرفة الله تعالى حب الله، وبمعرفة الآخرة حب شدة الرغبة فيها، وبمعرفة الدنيا شدة الرغبة عنها، فيصير أهم أموره إليه ما يوصله إلى الله تعالى، وينفعه في الآخرة، وإذا غلبت هذه الإرادة على قلب، صحت نيته في الأمور كلها، واندفع عنه كل غرور.

فإذا غلب حب الله تعالى على قلبه لمعرفته به وبنفسه، واحتاج إلى الأمر الثالث وهو العلم، ونعنى به العلم بكيفية سلوك الطريق إلى الله تعالى وآفاتها، والعلم بما يقربه منه ويهديه، وجميع ذلك في كتابنا هذا.

فيعرف من ربع العبادات والعادات ما هو محتاج إليه، وما هو مستغن عنه، ويتأدب بأدب الشرع.

ويعرف من ربع المهلكات جميع العقبات المانعة من طريق الله تعالى، وهى الصفات المذمومة في الخلق.

ويعرف من ربع المنجيات الصفات المحمودة التي لابد أن توضح خلفاً من المذمومة بعد محوها، فإذا أحاط بجميع ذلك، أمكنه الحذر من الأنواع التي أشرنا إليها من الغرور، والله أعلم.

وإذا فعل جميع ذلك ينبغي أن يكون خائفاً أن يخدعه الشيطان، ويدعوه إلى الرياسة ويخاف عليه أيضاً من الأمن من مكر الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015