آفاته كثيرة ومتنوعة، ولها في القلب حلاوة، ولها بواعث من الطبع، ولا نجاة من خطرها إلا بالصمت، فلنذكر أولاً فضيلة الصمت، ثم نتبعه الآفات مفصلة إن شاء الله تعالى.
اعلم: أن الصمت يجمع الهمة ويفرغ الفكر.
وفى الحديث، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من يضمن لى ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة".
وفى حديث آخر: "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" (?).
وفى حديث معاذ في آخره: "كف عليك هذا" فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم، ألا حصائد ألسنتهم؟ ".
وفى حديث آخر: "من كف لسانه ستر الله عورته" (?). وقال ابن مسعود: ما شيء أحوج إلى طول سجن من لساني.
وقال أبو الدرداء: أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به.
وقال مخلد بن الحسين: ما تكلمت منذ خمسين سنة بكلمة أريد أن أعتذر منها.
الآفة الأولى: الكلام فيما لا يعنى.
واعلم: أن من عرف قدر زمانه، وأنه رأس ماله، لم ينفقه إلا في فائدة، وهذه