فَكَيْفَ يُضَافُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا لَا يرضاه إلا ظالم، أو جاهل، وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ بُطْلَانُ النَّصِّ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ هُوَ الْأَفْضَلَ الْأَحَقَّ، بالإمارة، لَكِنْ لَا يَحْصُلُ بِوِلَايَتِهِ إِلَّا مَا حَصَلَ، وغيره ظالم يَحْصُلُ بِهِ مَا حَصَلَ مِنَ الْمَصَالِحِ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لَا فِي هذا ولا في هذا.
فَقَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ خَبَرٌ صَادِقٌ وَقَوْلٌ حَكِيمٌ، وقول الرافضة خبر كاذب وقول سفه، فَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ الْأَمِيرُ وَالْإِمَامُ وَالْخَلِيفَةُ ذُو السُّلْطَانِ الْمَوْجُودُ، الَّذِي لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى عَمَلِ مَقْصُودِ الْوِلَايَةِ، كَمَا أَنَّ إِمَامَ الصَّلَاةِ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَهُمْ يَأْتَمُّونَ بِهِ لَيْسَ إِمَامُ الصَّلَاةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا وَهُوَ لَا يُصَلِّي بِأَحَدٍ، لَكِنْ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِمَامًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ مَنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامُ لَا يخفى عَلَى الطَّغَامِ.
وَيَقُولُونَ إِنَّهُ يُعَاوَنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، دُونَ الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَيُطَاعُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ دُونَ مَعْصِيَتِهِ، وَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، وأحاديث النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى هَذَا.
كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَخْرُجُ عَنِ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)) (?) فَجَعَلَ الْمَحْذُورَ هُوَ الْخُرُوجَ عَنِ السُّلْطَانِ وَمُفَارَقَةَ الْجَمَاعَةِ وَأَمَرَ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الْأَمِيرِ لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ سُلْطَانًا مُعَيَّنًا وَلَا أَمِيرًا مُعَيَّنًا ولا جماعة معينة.
(قَالَ الرَّافِضِيُّ الْفَصْلُ الثَّانِي فِي أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِيَّةِ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ)
وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الناس اختلفوا بعد النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجِبُ النَّظَرُ فِي الْحَقِّ وَاعْتِمَادِ الإنصاف، ومذهب الإمامية واجب الاتباع لأربعة وجوه، لِأَنَّهُ أَحَقُّهَا، وَأَصْدَقُهَا، وَلِأَنَّهُمْ بَايَنُوا جَمِيعَ الْفِرَقِ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ، وَلِأَنَّهُمْ جَازِمُونَ بِالنَّجَاةِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ أَخَذُوا دِينَهُمْ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ، وَهَذَا حكاية لفظه.
قال الرافضي: إِنَّهُ لَمَّا عَمَّتِ الْبَلِيَّةُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم -واختلف الناس بعده، وتعددت