فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ أَصْلُ الْإِيمَانِ بِخَبَرٍ مِثْلِ هَذَا الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ نَاقِلٌ، وَإِنْ عُرِفَ لَهُ نَاقِلٌ أَمْكَنَ خَطَؤُهُ وَكَذِبُهُ، وَهَلْ يَثْبُتُ أَصْلُ الْإِيمَانِ إِلَّا بِطَرِيقٍ عِلْمِيٍّ.
(الْوَجْهُ السَّابِعُ) : أَنْ يُقَالَ إِنْ كَانَ هَذَا الحديث من كلام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِهَذَا الْقَائِلِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قال مات ميتة جَاهِلِيَّةٌ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَنَاوَلُ مَنْ قَاتَلَ فِي العصبية، والرافضة رؤوس هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ لَا يَكْفُرُ الْمُسْلِمُ بِالِاقْتِتَالِ فِي الْعَصَبِيَّةِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فكيف يكفر بما دُونَ ذَلِكَ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجماعة ثم مات، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)) (?) . وَهَذَا حَالُ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ عَنِ الطَّاعَةِ وَيُفَارِقُونَ الْجَمَاعَةَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ - رضي الله عنه - ما عن النبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)) (?) .
وَهَذِهِ النُّصُوصُ مَعَ كَوْنِهَا صَرِيحَةً فِي حَالِ الرَّافِضَةِ فَهِيَ وَأَمْثَالُهَا الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا بذلك اللفظ الذي نقله.
(الْوَجْهُ الثَّامِنُ) : أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ حُجَّةٌ عَلَى الرَّافِضَةِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إِمَامَ زَمَانِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُ الْغَائِبُ الْمُنْتَظَرُ مُحَمَّدُ بن الحسن، الذي دخل سرداب سامرّا، سنة ستين ومائتين أو نحوهما ولم يعد، بل كان عمره إما سنتين، وإما ثلاثا، وإما خَمْسًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَهُ الْآنَ عَلَى قولهم أكثر من أربعمائة سَنَةً وَلَمْ يُرَ لَهُ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ، وَلَا سُمِعَ لَهُ حِسٌّ وَلَا خَبَرٌ.
فَلَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ لَا بِعَيْنِهِ، وَلَا صِفَتِهِ، لَكِنْ يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا الشَّخْصَ الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ خَبَرٌ هُوَ إِمَامُ زَمَانِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ مَعْرِفَةً بِالْإِمَامِ، وَنَظِيرُ هَذَا أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ قَرِيبٍ مِنْ بَنِي عَمِّهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِهِ، فَهَذَا لَا يَعْرِفُ ابْنَ عَمِّهِ وَكَذَلِكَ الْمَالُ الْمُلْتَقَطُ إِذَا عُرِفَ أَنَّ لَهُ مَالِكًا وَلَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ لَمْ يكن عارفا لصاحب