وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ((هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي)) كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ هُوَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَكُلِّ مُؤْمِنٍ وَلَيُّهُ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ. فَالْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ لا تختص بزمان.

وَأَمَّا قَوْلُهُ لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ)) فصحيح في غير هذا الحديث.

فَقَالَ لِلْأَشْعَرِيِّينَ: ((هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)) كَمَا قَالَ لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ)) وَقَالَ لِجُلَيْبِيبٍ: ((هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ)) (?) فعُلم أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ قِيلَتْ لَهُ كَانَ هُوَ أفضل الصحابة.

(فَصْلٌ)

قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْعَاشِرُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، ولن يفترقا حتى يردا عَلَيَّ الْحَوْضَ.

وَقَالَ: أَهْلُ بَيْتِي فِيكُمْ مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ: مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تخلَّف عَنْهَا غَرِقَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّمَسُّكِ بِقَوْلِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وعليٌّ سَيِّدُهُمْ، فَيَكُونُ وَاجِبُ الطَّاعَةِ عَلَى الْكُلِّ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ)) .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: ((قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا بماءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أنا بشر فيكم يوشك أن يأتيني رسول رَبِّي فَأُجِيبَ رَبِّي، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ

الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ)) فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ. ثُمَّ قَالَ: ((وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي)) (?) . وَهَذَا اللَّفْظُ يدل على أن الذي أُمرنا بالتمسك وجُعل الْمُتَمَسِّكُ بِهِ لَا يَضِلُّ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ.

وَهَكَذَا جَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمَّا خَطَبَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَقَالَ: ((قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إن اعتصمتم به: كتاب الله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015