الْبَابُ الْخَامِسُ
[فِي أَحْكَامِ الْبِدَعِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْإِضَافِيَّةِ والفرق بينهما]
الْبِدْعَةَ الْحَقِيقِيَّةَ: هِيَ الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دليلٌ شرعيٌ لَا مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ولا إجماعٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ مُعتبر عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا فِي الْجُمْلَةِ وَلَا فِي التَّفْصِيلِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيت بدعة لِأَنَّهَا شيءٌ مُخترع عَلَى غَيْرِ مثالٍ سَابِقٍ.
البدعة الإضافية: هي الَّتِي لَهَا شَائِبَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: لَهَا مِنَ الْأَدِلَّةِ مُتعلَّق، فَلَا تَكُونُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ بِدْعَةً. وَالْأُخْرَى: لَيْسَ لَهَا مُتعلَّق إِلَّا مِثْلَ مَا للبدعة الحقيقية.
أَيْ أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِحْدَى الْجِهَتَيْنِ سُنَّة لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى دَلِيلٍ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجِهَةِ الأُخرى بِدْعَةٌ لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إِلَى شُبْهَةٍ لَا إِلَى دَلِيلٍ، أَوْ غَيْرِ مُسْتَنِدَةٍ إِلَى شَيْءٍ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى: أنَّ الدَّلِيلَ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْأَصْلِ قَائِمٌ، وَمِنْ جِهَةِ الْكَيْفِيَّاتِ أَوِ الْأَحْوَالِ أَوِ التَّفَاصِيلِ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ لأنَ الْغَالِبَ وُقُوعُهَا فِي التَّعَبُدِيَّاتِ لَا فِي الْعَادِيَّاتِ الْمَحْضَةِ.