النَّوْعُ ظَاهِرٌ أنَّه آثِمٌ فِي ابْتِدَاعِهِ إِثْمَ من سنَّ سُنَّةً سيئةً.
(القسم الثاني) [المقلِّد مع الإقرار بدليل المجتهد] يَتَنَوَّعُ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَسْتَنْبِطْ بِنَفْسِهِ وإنَّما اتَّبَعَ غَيْرَهُ مِنَ الْمُسْتَنْبِطِينَ، لَكِنْ بِحَيْثُ أَقَرَّ بِالشُّبْهَةِ وَاسْتَصْوَبَهَا، وَقَامَ بِالدَّعْوَةِ بِهَا مَقَامَ متبوعه، لانقداحها في قلبه، فهو مثله، وإنْ لَمْ يُصِر إِلَى تِلْكَ الْحَالِ وَلَكِنَّهُ تَمَكَّنَ حُبُّ الْمَذْهَبِ مِنْ قَلْبِهِ حَتَّى عَادَى عليه ووالى.
(القسم الثالث) [مقلِّدٌ في البدعة كالعامي الصِّرف] : وَهُوَ الَّذِي قَلَّدَ غَيْرَهُ عَلَى البراءَة الْأَصْلِيَّةِ، فَلَا يَخْلُو أنْ يَكُونَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أولى بالتقليد منه، أَوْ لَا يَكُونُ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَوْلَى منه، لكنه لَيْسَ فِي إِقْبَالِ الْخَلْقِ عَلَيْهِ وَتَعْظِيمِهِمْ لَهُ مَا يَبْلُغُ تِلْكَ الرُّتْبَةَ: فإنْ كَانَ هُنَاكَ مُنْتَصِبُونَ فَتَرَكَهُمْ هَذَا المقلِّد وقلَّد غَيْرَهُمْ فَهُوَ آثِمٌ إِذْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى مَنْ أُمر بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، بَلْ تَرَكَهُ وَرَضِيَ لِنَفْسِهِ بِأَخْسَرِ الصَّفْقَتَيْنِ فَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ، إِذْ قَلَّدَ فِي دِينِهِ مَنْ لَيْسَ بِعَارِفٍ بِالدِّينِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، فَعَمِلَ بِالْبِدْعَةِ وَهُوَ يَظُنُّ أنَّه عَلَى الصراط المستقيم.
وقَلَّ ما تجدُ مَن هَذِهِ صِفَتُهُ إِلَّا وَهُوَ يُوَالِي فيما ارتكب ويعادي بمجرد التقليد.
وإنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُنْتَصِبُونَ إِلَى هَذَا الْمُقَلِّدِ الْخَامِلِ بَيْنَ النَّاسِ، مَعَ أنَّه قَدْ نَصَّبَ نَفْسَهُ مَنْصِبَ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَفِي تَأْثِيمِهِ نَظَرٌ.