فإنْ كُسِرَ الجَناحُ الآخرُ نهضتِ الرِّجلانِ والرأسُ، وإنْ شُدِخَ (?) الرأسُ ذهبَتِ الرِّجلانِ والجَناحانِ والرأسُ، فالرأسُ كِسرى، والجَناحِ قيصرُ، والجَناحُ الآخرُ فارسُ، فمُرِ المسلمينَ فَلْيَنْفِروا إلى كِسرى. قالَ: فَنَدَبَنا عمرُ، واستَعْمَلَ علينا النعمانَ بنَ مُقَرِّنٍ، حتى إذا كُنَّا بأرضِ العدوِّ، وخَرَجَ علينا عاملُ كسرى في أربعينَ ألفاً، فقامَ تَرْجُمانٌ (?) فقالَ: ليُكَلِّمْني رجلٌ منكُم. فقالَ المغيرةُ: سَلْ عما شئتَ. قالَ: ما أنتُم؟ قالَ: نحنُ أناس مِن العَرَبِ؛ كنَا في شقاءٍ شديدٍ، وبلاء شديد، نَمَصُ (?) الجِلْدَ والنَوى من الجوعِ، ونَلْبَسُ الوَبرَ والشَّعَرَ، ونعبُدُ الشَجَرَ والحَجَرَ، فبَيْنَا نحنُ كذلك؛ إذ بَعَثَ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرَضِينَ - تعالى ذِكْرُهُ، وجَلَّتْ عَظَمَتُه - إلينا نَبيًّا من أنفُسِنا نَعْرِفُ أباهُ وأُمَّهُ، فأمَرَنا نبيُّنا رسولُ ربِّنا - صلى الله عليه وسلم - أن نُقاتِلَكُم، حتى تَعْبُدوا اللهَ وحدَهُ، أو تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، وأخبَرَنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - عن رِسالَةِ ربِّنا أنَّهُ مَن قُتِلَ مِنَّا صارَ إلى الجنةِ، في نعيمٍ لم يُرَ مثلُها قَطُّ، ومَن بَقِيَ منا مَلَكَ رِقابَكُم. فقالَ النُّعمانُ (?): ربَّما أشهَدَكَ اللهُ مثلَها مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يُنَدِّمْكَ ولم يُخْزِكَ، ولكنِّي شَهِدْتُ القتالَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ كانَ إذا لمْ يُقاتِلْ في أولِ النهارِ؛ انتظرَ حتى تَهُبَّ الأرْواحُ، وتَحْضُرَ الصَّلواتُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015