سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ؛ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ؛ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لأُمَيَّةَ انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ. [فقالَ أميةُ لسعدٍ: انْتَظِرْ حتَّى إذا انْتَصَفَ النهارُ , وغَفَلَ الناسُ , انطلَقْت فطفْتَ]. فخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ! مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: هَذَا سَعْدٌ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَلاَ أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمُ الصُّبَاةَ (?)، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ؟! أَمَا وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنَّكَ مَعَ أَبِى صَفْوَانَ؛ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ -وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْه- (وفى روايةٍ: فتَلاحَيا بينهما ... ثم قال سعدٌ): أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِى هَذَا (وفي روايةٍ: أنْ أطوف بالبيت) لأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ؛ طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ (وفي روايةٍ: مَتْجَرَك بالشامِ). فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ (وفي روايةٍ: فجَعَلَ أميةُ يقولُ لسعدٍ): لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ! عَلَى أَبِى الْحَكَمِ سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِى. [وجَعَلَ يمسكه، فغَضبَ سعدٌ]، فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ. [قالَ: إياىَ؟ قالَ: نعم. قالَ: واللهِ ما يكذِبُ محمدٌ إذا حدَّثَ]. قَالَ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِى. فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ؛ قَالَ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ! أَلَمْ تَرَىْ مَا قَالَ لِي [أخي اليَثْرِبِىُّ] سَعْدٌ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِىَّ، فَقُلْتُ لَهُ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِى. [قالَتْ: فواللهِ ما يكذبُ محمدٌ]. فَقَالَ أُمَيَّةُ: وَاللَّهِ لاَ أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ؛ اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ قَالَ أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ! [قالتْ لهُ