قَضَيْتُ الصلاةَ؛ جلستُ إلى المِسْوَرِ وإلى ابنِ عبدِ يَغوثَ، فحدَّثْتُهما بالذي قلتُ لعُثمانَ وقالَ لي، فقالا: قدْ قَضَيْتَ الذي كانَ عليكَ.

فبينَما أنا جالسُ معهما؛ إذْ جاءَني رسولُ عثمانَ، فقالا لي: قدِ ابْتَلاكَ اللهُ. فانطلَقْتُ، حتى دخلتُ عليهِ، فقالَ: ما نَصِيحَتُكَ التي ذكرتَ آنفاً؟ قالَ: فتشهَّدْتُ، ثم قلتُ: إنَّ اللهَ بعثَ محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وأنزَلَ عليهِ الكتابَ، وكنتَ ممَّنِ استجابَ للهِ ورسولهِ - صلى الله عليه وسلم -، وآمَنْتَ بهِ، وهاجَرْتَ الهِجْرَتينِ الأوليَيْنِ، وصَحِبْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورأَيتَ هَدْيَهُ، وقد أكثَرَ الناسُ في شأْنِ الوليدِ بنِ عُقبةَ، فحَقٌ عليكَ أنْ تُقِيمَ عليهِ الحَدَّ. فقال لي: يا ابنَ أخي! أدرَكْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: قلتُ: لا؛ ولكنْ قدْ خَلَصَ إليَّ مِن علمهِ ما خَلَصَ إلى العذراءِ في سِتْرِها. قالَ: فتشهَّدَ عثمانُ، فقالَ: إنَّ اللهَ قدْ بعَثَ محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالحقَّ، وأنْزَلَ عليهِ الكتابَ، وكنتُ ممَّن استجابَ للهِ ورسولهِ- صلى الله عليه وسلم -، وآمَنْتُ بما بُعِثَ بهِ محمدٌ، وهاجرتُ الهِجْرَتينِ الأوليَيْنِ كما قلتَ، وصحِبْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وبايَعْتُهُ، [ونِلْتُ صِهْرَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 4/ 265]، [ف 4/ 203]، واللهِ ما عصَيْتُه ولا غَشَشْتُه حتى توفَّاه اللهُ، ثَمَّ اسْتَخْلَفَ اللهُ أبا بكرٍ، فواللهِ ما عَصَيْته ولا غَشَشْتُهُ، ثمَّ اسْتُخْلِفَ عمرُ، فواللهِ ما عصيْتُه ولا غَشَشْتُهُ، ثم اسْتُخْلِفْتُ؛ أفلَيْسَ لي عليكُم [مِن الحقَّ 4/ 203]، مِثْلُ الذي كانَ لهُم عليَّ؟! قالَ (وفي روايةٍ: قلتُ): بلى. قالَ: فما هذه الأحاديثُ التي تبْلُغُني عنكُم؟! فأمَّا ما ذكرْتَ من شأنِ الوليدِ بنِ عُقبةَ؛ فسنأْخُذُ فيهِ إنْ شاءَ اللهُ بالحَقِّ. قالَ: فجَلَدَ الوليدَ أرْبعينَ جَلْدَةً، وأمَرَ عليَاً أنْ يَجْلِدَهُ [فجَلَدَهُ ثمانينَ]، وكانَ هو يَجْلِدُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015