وكان الصديق إذا مرَّ بأحد من العبيد يعذب اشتراه وأعتقه. منهم بلال. فإنه عذب في الله أشد العذاب. ومنهم عامر بن فُهَيرة، وجارية لبني عدي، كان عمر يعذبها على الإسلام. فقال أبو قحافة - عثمان بن عامر - لابنه أبي بكر: يا بني، أراك تعتق رقابا ضعافا. فلو أعتقت قومًا جلدًا يمنعونك؟ فقال: إني أريد ما أريد. وكان بلال كلما اشتد به العذاب يقول: أحد، أحد.
ابتداء الدعوة وقال الزهري: لما ظهر الإسلام، أتى جماعة من كفار قريش إلى من آمن من عشائرهم، فعذبوهم وسجنوهم، وأرادوا أن يفتنوهم عن دينهم. قال الترمذي: حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمرو بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهم. قالوا: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين مستخفيا. تم أعلن في الرابعة. فدعا الناس عشر سنين، يوافي المواسم كل عام، يتبع الناس في منازلهم. وفي المواسم بعكاظ، ومِجَنّة، وذي المجاز: يدعوهم أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه. ولهم الجنة، فلا يجد أحدا ينصره ويحميه. حتى ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة، فيقول: "أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا وتملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم. فإذا متم كنتم ملوكا في الجنة" وأبو لهب وراءه يقول: لا تطيعوه. فإنه صابئ كذاب، فيردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبح الرد. ويؤذونه، ويقولون: عشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك. وهو يقول: اللهم لو شئت لم يكونوا هكذا ولما نزل عليه قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد الصفا فنادى: واصباحاه. فلما