فقوي جانب حذيفة ومن معه من المسلمين فناهضهم. وجاء عكرمة. فقاتل معهم. فانهزم العدو حتى دخلوا مدينة دبا. فحصرهم المسلمون شهرا. وشق عليهم الحصار إذ لم يكونوا قد أخذوا له أهبة.
فأرسلوا إلى حذيفة. يسألونه الصلح. فقال: لا، إلا بين حرب مجلية أو سلم مخزية. قالوا: أما الحرب المجلية، فقد عرفناها، فما السلم المخزية؟ قال: تشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، وأن كل ما أخذناه منكم فهو لنا، وما أخذتموه فهو رد لنا. وأنا على حق وأنتم على باطل وكفر، ونحكم فيكم بما رأينا. فأقروا بذلك.
فقال: اخرجوا عزلا، لا سلاح معكم ففعلوا. فدخل المسلمون حصنهم. فقال حذيفة: إني قد حكمت فيكم، أن أقتل أشرافكم وأسبي ذراريكم.
فقتل من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم.
وقدم حذيفة بسبيهم المدينة. وهم ثلاثمائة من المقاتلة وأربعمائة من الذرية والنساء.
وأقام عكرمة بدبا عاملا عليها لأبي بكر.
فلما قدم حذيفة بسبيهم أنزلهم أبو بكر رضي الله عنه دار رملة بنت الحارث، وهو يريد أن يقتل من بقي من المقاتلة. والقوم يقولون: والله ما رجعنا عن الإسلام ولكن شححنا على أموالنا، فيأبى أبو بكر أن يدعهم بهذا القول. وكلمه فيهم عمر. وكان الرأي أن لا يسبوا.
فلم يزالوا موقوفين في دار رملة حتى مات أبو بكر. فدعاهم عمر،