ثابت وإلى جنبه رجل من بني حنيفة به جراح فسقيت عامرا. فقال الحنفي: اسقني فدى لك أبي وأمي. فقلت: لا، ولا كرامة ولكن أجهز عليك. قال: أحسنت، أسألك مسألة لا شيء عليك فيها. قلت: ما هي؟ قال أبو ثمامة ما فعل؟ قلت، والله قتل، قال: نبي ضيعه قومه.
ولما قتل منهم من قتل وكانت لهم أيضا في المسلمين مقتلة عظيمة قد أبيح أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: لا تغمدوا السيوف وفينا وفيهم عين تطرف. وكان فيمن بقي من المسلمين جراحات كثيرة.
فلما أمسى مجاعة أرسل إلى قومه ليلا: أن البسوا السلاح والذرية ثم إذا أصبحتم فقوموا مستقبلي الشمس على حصونكم حتى يأتيكم أمري. وبات المسلمون يدفنون قتلاهم. فلما فرغوا، جعلوا يتكمدون بالنار من الجراح.
فلما أصبحوا أمر خالد، فسيق مجاعة في الحديد يعرفهم القتلى فمر برجل وسيم، فقال: يا مجاعة أهو هذا؟ قال هذا أكرم منه هذا محكم بن الطفيل. إن الذي تبتغون لرجل أصيفر أخينس. فوجدوه، فوقف عليه خالد. فحمد الله كثيرا، وأمر به فألقي في البئر التي كان يشرب منها.
وكان خالد يرى أنه لم يبق منهم أحد إلا من لا عتاد عنده. فقال: يا مجاعة هذا صاحبكم الذي فعل بكم الأفاعيل. ما رأيت عقولا أضعف من عقول أصحابك، مثل هذا فعل بكم ما فعل؟ .
فقال مجاعة: قد كان ذلك ولا تظن أن الحرب انقطعت وإن قتلته. إن جماعة من الناس وأهل البيوتات لفي الحصون فانظر. فرفع خالد رأسه.