أعطيتم قليلا من كثير. والله مذهب الكثير بالقليل. ومسلط على أموالكم غدا من يأخذها على غير الرضا، وإن منعتموها قتلتم. فأطيعوا الله واعصوا مالكا.
فقام مالك، فقال: يا بني تميم، إنما رددت عليكم أموالكم إكراما لكم. وإنه لا يزال يقوم منكم قائم يخطئني. والله ما أنا بأحرصكم على المال ولا بأجزعكم من الموت ولا بأخفاكم شخصا إن أقمت، ولا بأخفاكم رحلة إن هربت. فترضوه عند ذلك وأسندوا أمرهم إليه وأبى الله إلا أن يتم أمره فيهم. وقال مالك في ذلك:
وقال رجال سدد اليوم مالك ... وقال رجال مالك لم يسدد
فقلت: دعوني لا أبا لأبيكمو ... فلم أخط رأيا في المعاد ولا البد
فدونكموها. إنها صدقاتكم ... مصررة أخلافها لم تجرد
سأجعل نفسي دون ما تحذرونه ... فأرهنكم يوما بما قلت يدي
فإن قام بالأمر المجرد قائم ... أطعنا وقلنا: الدين دين محمد
ولما بلغ ذلك أبا بكر والمسلمين حنقوا عليه. وعاهد الله خالد لئن أخذه ليجعلن هامته أثفية للقدر.
فلما وصلتهم السرية - مع طلوع الشمس - فزعوا إلى السلاح. وقالوا: من أنتم؟ قالوا: نحن عباد الله المسلمون قالوا: ونحن عباد الله المسلمون. قالوا: فضعوا السلاح. ففعلوا. فأخذوهم. وجاءوا بهم إلى خالد.